ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الليلة الماضية، نقلاً عن مصدر عسكري إسرائيلي، أنّ جيش الاحتلال "يحقق في إمكانية أن تكون الرصاصة القاتلة" التي استقرّت في عنق الشهيدة شيرين أبو عاقلة "أطلقت ربّما من أحد جنوده"، في محاولة جديدة للبحث عن رواية لتبرير الجريمة المعلنة، بعد أن ثبت زيف ما زعمه الاحتلال بداية، تارة بالحديث عن وجود مسلّحين في المكان الذي قتلت فيه أبو عاقلة، وأخرى بالادعاء أنّ الرصاص أطلقه مسلّحون فلسطينيون.
رغم ذلك، لا يزال الاحتلال بعيداً عن الإقرار بالجريمة التي شهد عليها العالم في وضح النهار، فيما تقتصر كلّ تحويراته للرواية الأصلية على تسريبات صحافية، بدأها، أمس الأربعاء، بتسريب آخر لصحيفة "هآرتس"، تضمّن إشارة إلى أنّ الشهيدة الفلسطينية كانت على بعد 150 متراً من القوات العسكرية الإسرائيلية عندما أُطلق عليها النار، من دون تحديد ما إذا كان مصدر إطلاق النار فلسطينيّاً أم إسرائيليّاً.
وتظل صيغة التشكيك الطاغية على كلّ الروايات اللاحقة للرواية الأصليّة، إذ تندرج فيها تعبيرات من قبيل "احتمالية" و"ربما"، فيما كانت الرواية الرسمية الأوّلية للاحتلال قد ساقت فرضية أن يكون الرصاص مصدره فلسطينيّاً بصيغة "على الأرجح".
وفي تقرير "واشنطن بوست"، قال المصدر العسكري الإسرائيلي إنّ الجيش يحقق "في ثلاث حوادث إطلاق منفصلة، تتضمّن جنوده"، مكرّراً رواية تعرض دورية لجيش الاحتلال لإطلاق نار من قبل "مسلح فلسطيني أو اثنين"، وأن تلك الدورية كانت على بعد نحو 150 متراً من المكان الذي تواجدت فيه الشهيدة أبو عاقلة ورفاقها.
ومضى زاعماً: "جندي مع بندقية ونظام تصويب جيد جداً كان يطلق النار صوب إرهابي يحمل بندقية أم 16، ويكمن في وضعية جيدة، ولدية رؤية جيدة... ما نفحصه الآن هو موقع" الشهيدة أبو عاقلة، مضيفاً أنّ محققي جيش الاحتلال أخذوا البندقيات من الجنود لفحصها.
وبحسب رواية أوردتها بدورها صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، نقلاً عن مصدر في جيش الاحتلال أيضاً، فإنّ الأخير حدد حادثة إطلاق نار "من الممكن" أن تكون قد تسببت في استشهاد أبو عاقلة، "لذا لا يمكن استبعاد أن تكون الرصاصة جاءت من الجيش الإسرائيلي".
وزعم المسؤول ذاته أنّ الجنود أقرّوا بأنّ خطوط الرؤية أمامهم كانت واضحة، مدّعين أنّ الرصاصة "ربّما تكون قد ارتدت عن الأرض أو الجدار قبل أن تصيب" الشهيدة. وخلص إلى القول إنه "من الصعب على إسرائيل تحديد المسؤولية بشكل نهائي من دون الوصول إلى الرصاصة".
ولا تزال السلطة الفلسطينية ترفض تسليم الرصاصة إلى دولة الاحتلال. واليوم، قال وزير الشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ إنّ إسرائيل "غير مسموح لها بفحص الرصاصة"، مشدداً على أنّ الفلسطينيين "سيجرون تحقيقاً مستقلّاً بهم ويتبادلون نتائجه مع الولايات المتحدة وقطر".