حقق الإعلام الإسرائيلي حالة تغلغل غير مسبوقة في السعودية بتواطؤ صريح من ولي العهد محمد بن سلمان الذي يعمد إلى فرض التطبيع التدريجي مع "إسرائيل" رغم الموقف الشعبي الرافض.
يأتي ذلك في ظل اختراقات كبيرة حققتها "إسرائيل" في المملكة بفضل بن سلمان، مثل حذف النصوص المعادية لليهود من مناهج التعليم وتعيين حاخام رئيس في المملكة واستثمار رجال الأعمال الإسرائيليين.
يضاف إلى ذلك السماح بتحليق طائرات "إسرائيل" في أجواء المملكة والموافقة على تملك الأجانب وفي مقدمتهم الإسرائيليين في الحرمين الشريفين.
وبعد أن كان إعلام "إسرائيل" يكشف ما يكتمه إعلامنا من الخيانات والتسهيلات التي يقدّمها لهم نظام بن سلمان، شهدت الأيام الأخيرة تطورات خطيرة تمثّلت بتواجد الإعلام الإسرائيلي وبث عدد من تقاريره من قلب المملكة، ليفتح الباب أمام ماكنة الإعلام الإسرائيلية الخبيثة بالتواجد فعليًا.
ومنذ تسلم بن سلمان ولاية العهد برزت ظاهرة دخول الإسرائيليين للمملكة وإظهار هويتهم علانية وأشهرها قيام بن تسيون (مرشح سابق لعضوية الكنيست) بتدنيس المسجد النبوي في 2017 ونشر صوره بملابس مكتوب عليها بالعبرية.
وفي حينه لم تعلق السلطات السعودية على الموضوع أو يتحرك الأمن للتحقيق في هذا الاختراق.
لكنّ الأسابيع الأخيرة شهدت تواجدًا مكثّفًا لإعلام الاحتلال “الإسرائيلي” كقناة كان والقناة 12 والقناة 13 وقناة i24NEWS Arabic وصحف Jerusalem Post و Times of Israel، والذين بثّ مراسلوهم تقاريرهم من أماكن منوّعة من داخل المملكة، واحتفوا بدخولهم لأرض الحرمين وبث تقاريرهم منها.
واللافت أن عددًا من المراسلين كانوا مراسلي شؤون عسكرية، حيث أوفدت القناة 13 معلّق الشؤون العسكرية “ألون بن ديفيد”، وأوفدت صحيفة Times of Israel معلّق الشؤون العسكرية “يؤآف ليمور” للمملكة.
ومن المعلوم أن كثيرًا من مهام المراسلين العسكريين لا تخلو من مهام “أمنية واستخباراتية”.
كما بثّ عدد من مراسلي إعلام الاحتلال تقاريرهم من داخل المساجد، بما شمل مراسل القناة 13 الذي دنّس مكة المكرمة، والمراسل العسكري للقناة 13 الذي دنّس جامع الملك خالد في الرياض.
ومراسلا القناة i24NEWS Arabic اللذان دنّسا جامع الميداني بالرياض، مراسل Jerusalem Post الذي دنّس المسجد النبوي.
ويلاحظ أن في كل دول العالم هناك آلاف المراسلين الذين يمارسون إعمالهم الإعلامية، ولكن لم نسمع أن أحدًا منهم يبث تقاريره من داخل أحد أماكن العبادة (ما لم يرافقه حدث مهم).
أما إعلام "إسرائيل" فتعمّد بث مشاهد من داخل مساجد المملكة لإيصال رسائل دينية ولاستفزاز مشاعر المسلمين في بلاد الحرمين وخارجها.
وتواطئ بن سلمان مع الإسرائيليين وسهّل لهم دخول الحرمين، حيث تمّت إزالة لوحات “للمسلمين فقط” من مداخل المدينة المنورة، وإدراج “اللغة العبرية” في لوحات الترحيب عند أحد مداخلها.
وهو ما أكده Avi Jorisch مراسل صحيفة Jerusalem Post العبرية، عند زيارته للمملكة وتدنيسه للمسجد النبوي.
والرسالة الخطيرة الأخرى التي يريد إعلام إسرائيل إظهارها من خلال تواجده في قلب المملكة، هي نشر الجولات اليومية لمراسليه وإظهار “تقبل الناس لهم”، وذلك في محاولة لتشويه صورة أبناء المملكة وكسر حاجز الرفض الشعبي الكبير تجاه أي محاولة تطبيع رسمية للمملكة.
واستكمالًا لهذا التشويه، استضافت قنوات عبرية شخصيات سعودية مقربة من بن سلمان تروج للتطبيع مثل أحمد الإبراهيم الذي ظهر على قناة “كان” العبرية كـ “محلل سياسي” لـ “يحللّ” التطبيع مع ويفتري كذبًا بأن شعب المملكة يؤيّد التطبيع.
لكن الواقع أن الشعب السعودي رافض للتطبيع، وأكّد ذلك مراسل Times of Israel عند زيارته للمملكة بقوله: “في جدة لا تزال إسرائيل من المحرمات، والطريق للتطبيع غير ممهد، حيث لايزال المجتمع يحمل أفكاراً معادية لإسرائيل”.
كما أظهر استطلاع حديث لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط أن نسبة رفض التطبيع في المملكة تفوق 75%.
ونختم بما قاله “المبشّر” جويل روزنبرغ لوسائل الإعلام العبرية في 2019 “أنه لولا التزامه أمام بن سلمان بعدم نشر محضر اللقاء لما صدّق أحد في إسرائيل مدى التطور الذي شهدته العلاقات السعودية الإسرائيلية، كما كشفه له ولي العهد نفسه”.