كثير من الأمهات يشعرن بالحرج والانزعاج أثناء جلوسهن وسط الصديقات أو خلال تجمعات الأقارب، بسبب حالات غضب الطفل ونوبات الصراخ التي تجتاحه فجأة.. حالة رفضت الأم تلبية طلب الطفل.. وأكثرها حرجاً عندما يحدث الأمر بالسوق وسط الغرباء.. تصاحبه تلك النظرات التي تشير إلى التقصير في تربية الطفل.. وللأسف هذا الأسلوب الذي يستخدمه الطفل كسلاح لإجبار الأم على تلبية طلباته، سيستمر معه ومعكِ إن لم تتعاملي مع الموقف بشكلٍ جيد، وإن لم تدركي كيف يفكر طفلك في هذه اللحظة؟ وإذا لم تتعرفي على الأسباب التي تدفعه لهذا السلوك؟
سنوات الغضب
كل الأطفال غالباً ما بين السنة والثلاث سنوات وحتى 9 سنوات، معرضون لأن تنتابهم نوبات الغضب والعصبية من حين لآخر، وقد تكون جزءاً من حياتهم اليومية.. وفقاً لشخصية الطفل.
وهي تمتد أحياناً حتى سن العاشرة، وتظهر أكثر مع الطفل العصبي، أو الطفل المدلل.. ومن تُلبى له كل طلباته، وكذلك الطفل الذي ينقصه الحب والاهتمام.
ودور الآباء هو السيطرة على سنوات غضب الطفل، ومحاولة البحث عن أسبابها.. لمعالجتها، ومنع حدوثها مرة أخرى، وهذا لن يحدث بالعنف والصراخ في وجه الطفل.
أسباب غضب وصراخ الطفل
يؤكد معظم أطباء النفس وعلماء التربية بأن الغضب أمر طبيعي وشيء سوي عند الطفل، وهو رد فعل غريزي للإحباط الذي يتعرض له من وجهة نظره، ولعدم استطاعته التعبير اللفظي المناسب، لما يشعر به ويجعله في هذه الحالة.
وآخرون يرون.. أن مصادر وإحباطات الطفل كثيرة ومتنوعة.. وفقاً لعمره ودرجة إدراكه، وقد تكون بسبب تعرضه لموقف يتجاوز قدراته، وقد تنشأ بسبب نوبات الإرهاق أو الجوع أو الرغبة الملحة في النوم بعد تعب ساعات اللعب والجري خلال اليوم.
وقد يلجأ الطفل إلى البكاء والصياح والغضب لأنه جائع أو مرهق، وأنتِ تريدين الذهاب للتسوق، أو لكونك منشغلة عنه بالكلام على الجوال، أو لوجود ضيوف بالمنزل يحتاجون ترحيبك والاهتمام بضيافتهم وهكذا.
صراخ وغضب بسبب المرض
ومرات كثيرة تنتاب الطفل حالات من الصراخ ومن الغضب، عندما يشعر بأعراض مرض ما، بينما لا يستطيع التعبير عنه بالكلمات الدالة.. فيصرخ أو يغضب أو يبكي.. وربما ارتمى أرضاً مع حالة من التشنج والهياج.
ويغضب أيضاً في حالة إصدار أوامر له، ويجد صعوبة في القيام بها وتنفيذها، أو عند تعرضه لموقف مثير جداً، أو لخوفه وحساسيته من الازدحام، أو الضوضاء بالمنزل أو أي مكان، وقد يبدأ الطفل بالصراخ لمجرد طلبك بالتوقف عن اللعب بعد اندماجه.
وقد يحبط الطفل من دون أسباب مباشرة، بينما يلجأ البعض لنوبات الصراخ والغضب لإجبار الأهل على تلبية طلباتهم.. إضافة إلى عقبة عدم قدرة الطفل على التعبير عما يريد أو يشعر.
خطوات تديرين بها غضب طفلك
أول خطوة في علاج أي سلوك سيئ هو القدوة، فالأطفال يقلدون أسلوب الأهل في التعامل مع الإحباط والغضب والصراخ، فلا تصرخي في وجه طفلك حتى لا يفعل هو هذا فيما بعد.
على الأم فهم نفسية الطفل وتحديد الأسباب والحاجات الفسيولوجية التي دفعته لذلك كالجوع والإرهاق، وعليك أيضاً قبل الخروج مع طفلك أن تتأكدي من أنه حصل على كمية كافية من النوم والراحة والطعام.
لا تطلبي منه طلبات صعبة؛ طلبات لا تتفق وسنوات عمره، وإمكاناته، وهو غير قادر على فعلها في الوقت الحالي، مثل أن يهدأ وهو جائع أو يريد النوم، أن ينهي عملاً ما خلال دقائق.
لا تفرضي على طفلك عدداً كبيراً من القيود والممنوعات طوال اليوم، واتركي له مجالاً ليتصرف بحرية، طالما لن يؤذي نفسه، وتحت إشرافك أيضاً.
اطلبي من طفلك الراحة
حاولي تهدئة طفلك.. عندما يبدو متجهاً نحو نوبة الغضب، واسأليه عما يزعجه، واعرضي عليه المساعدة.. وحفزيه على البحث عن الأسباب فيهدأ قليلاً.
احرصي على أن يأخذ طفلك قسطاً من الراحة والنوم والطعام أيضاً.. قبل الخروج من المنزل.. حتى لا يشعر بالضيق أو الملل والإرهاق؛ فتنتابه نوبة من الغضب من غير سبب يعرفه.
تماسكي واضبطي انفعالاتك، حاولي ألا يكون رد فعلك على صراخ طفلك وعصبيته بصراخ، حاولي ألا تتصرفي مثله، وأن تتعاملي بهدوء من دون صوت عالٍ أو تعابير وجه متجهمة.
واعرفي أن استجابتك لطلبات طفلك أثناء بكائه، هي علامة استسلامك وانتصار لأسلوب طفلك، وسيعلم أن صراخه وبكاءه هو أسلوب فعّال للضغط عليكِ، ولإحراجك أمام الجميع وتلبية طلباته.
أسرع طريقة هي محاولة تشتيت انتباهه لشيء آخر؛ لفت نظره لشيء محبب جذاب له؛ حتى يتوقف عن البكاء، مثل أن تطلبي منه جلب لعبة ما، أو أخبريه بشأن هدية جديدة وهمية.
كيفية التعامل أوقات غضب الطفل
الطفل إذا غضب غلى الدم في عروقه، وأخذ يفكر في أنه لا شيء أفضل من تفريغ غضبه على نفسه أو على الأرض.
فتشاهدينه يتقلب على الأرض، ويصرخ ويضرب بيديه وبأرجله بل ربما برأسه.. دورك الالتزام بالهدوء.
لا تظلي مكتوفة اليدين على أن تهدأ نوبة الغضب وحدها.. ولكن احرصي على سلامة طفلك، وعلى ألا يؤذي نفسه أو غيره أثناء النوبة.
لا تحاولي السيطرة الجسدية على طفلك الغاضب في هذا الوقت؛ بأن تحمليه رغماً عنه، فمشاعره تسيطر عليه، فقط اجعليه يهدأ تماماً، ولا تجادلينه ولا تناقشينه.
لا تعاقبي طفلك على نوبة الغضب ولا تكافئينه إن هدأ أيضاً، فالثبات على موقفك قبل وبعد النوبة.. شيء مهم جداً في هذه المواقف.
في النهاية.. عندما تهب عاصفة غضب الطفل تعاملي معها ببساطة، واسعي لوضع نهاية لها من دون استسلام.
ولا تجعلي طفلك ينفذ ما يراه وأنت راضية طائعة له، وإلا صار يثير هذه النوبات عمداً طوال الوقت، ولا تجادلينه كثيراً؛ لأنه في حالة لا تسمح له برؤية ما وقع فيه من أخطاء.