تتجه العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، نحو تدهور قد يكون غير مسبوق، في صِدام يُرجّح أن سببه هو قرار منظمة أوبك بلس (التي تضم المملكة في عضويتها)، بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا.
وفي مؤشر على بوادر لانهيار العلاقات بين الرياض وواشنطن، أعلن عضو مجلس الشيوخ السيناتور ريتشارد بلومنتال وعضو مجلس النواب رو خانا، تقديم تشريع لمجلسي الشيوخ والنواب، من أجل تعليق جميع مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى السعودية فوراً.
وقال عضوا مجلسي الشيوخ والنواب، في مقال رأي بموقع “بوليتكو” الأمريكي: “لعدة سنوات كان زملاؤنا يدرسون مقترحات مماثلة، لكن هذه المشاريع لم يتم تمريرها، لكنهما رصدا ردّ فعل غاضباً من الحزبين على تواطؤ السعودية مع روسيا”.
وأضاف النائبان: “نعتقد أن هذه المرة مختلفة، وبناء على محادثتنا مع الزملاء، يحظى تشريعنا بالفعل بدعم من الحزبين في كلا المجلسين”.
اتهام السعودية بتواطؤ مع روسيا
واعتبر بلومنتال وخانا، أنّ السعودية تواطأت مع روسيا، حيث قررت خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً في اجتماع أوبك بلس، وبالتالي رفع سعر الغاز لصالح روسيا.
وأشار النائبان إلى أن هذه الخطوة المروعة ستؤدي إلى تفاقم التضخم العالمي، وتقويض الجهود الناجحة في الولايات المتحدة لخفض سعر الوقود، والمساعدة في تأجيج غزو بوتين غير المبرر لأوكرانيا.
ووصف النائبان، القرار السعودي بأنّه “ضربة موجعة للولايات المتحدة”، لكنهما قالا إنّ “لدى الولايات المتحدة أيضًا طريقة للرد، إذ يمكنها على الفور إيقاف النقل الهائل لتكنولوجيا الحرب الأمريكية إلى أيدي السعوديين.
وأكد النائبان، أنه “لا ينبغي لأمريكا أن توفر مثل هذه السيطرة غير المحدودة على أنظمة الدفاع الاستراتيجية لحليف أكبر عدو لنا: فلاديمير بوتين”.
دعوة لتجميد فوري للتعاون مع المملكة
في السياق ذاته، دعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور بوب مينينديز، إلى “تجميد فوري للتعاون” الأمريكي مع السعودية.
وقال مينينديز، في بيان: “يجب على الولايات المتحدة أن تجمد على الفور جميع جوانب التعاون مع المملكة العربية السعودية، بما في ذلك أي مبيعات أسلحة وأي تعاون أمني يتجاوز ما هو ضروري للغاية للدفاع عن الأفراد والمصالح الأمريكية”.
وتوعد رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بأنه “لن يعطي الضوء الأخضر لأي تعاون مع الرياض، حتى تعيد المملكة تقييم موقفها فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا”.
تعهد بايدن بفرض العقوبات
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد تعهد بأن تواجه علاقات الولايات المتحدة مع السعودية “عواقب”، بعد إعلان مجموعة أوبك+ لمنتجي النفط في الأسبوع الماضي خفض الإنتاج، رغم الاعتراضات الأمريكية.
فيما صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض “كارين جان بيير”، بأنه سيتم إجراء مراجعة للسياسة، لكنها لم تحدّد جدولاً زمنياً لاتخاذ إجراء، ولم تكشف عن معلومات حول من سيقود عملية إعادة التقييم.
وأضافت أن الولايات المتحدة ستراقب الوضع عن كثب، “خلال الأسابيع والأشهر المقبلة”.
وكان المسؤولون الأمريكيون يحاولون إقناع السعودية، التي تعتبر أكبر شريك عربي للولايات المتحدة، برفض فكرة خفض الإنتاج، لكن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لم يتراجع.
في السياق، صرّح جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، بأنّ بايدن يعتزم العمل مع الكونجرس، “على التفكير في الطبيعة التي يجب أن تكون عليها هذه العلاقة”.
وأضاف كيربي: “وأعتقد أنه سيكون على استعداد لبدء هذه المحادثات فوراً. لا أعتقد أن هذا شيء يمكن تأجيله أو يجب تأجليه، بمنتهى الصراحة، لفترة أطول”.
الرياض تحاول احتواء غضب واشنطن
فيما حاولت السعودية احتواء الغضب الأمريكي، حيث صرّح وزير خارجية المملكة الأمير فيصل بن فرحان، بأنّ علاقة السعودية مع أمريكا إستراتيجية وقديمة، وقال إن العلاقة مع أمريكا قدمت فوائد كبرى للبلدين والمنطقة.
وأضاف أن التعاون العسكري بين الرياض وواشنطن ساهم في استقرار المنطقة، في رسالة مبطنة بأن وقف صفقات الأسلحة ستعود بالضرر على المصالح الأمريكية، علماً بأن واشنطن تدعم الحرب التي تشنها السعودية على رأس تحالف عسكري في اليمن، وتقاتل فيها جماعة أنصار الله “الحوثي” المدعومة من إيران.
وصرح الوزير السعودي، بأن دول “أوبك+” تصرفت بمسؤولية واتخذت القرار المناسب، وأضاف: “لا ننظر لأي تفسيرات سياسية تتعلق بقرار أوبك +”، ولفت إلى أن قرار أوبك+ اقتصادي بحت، وتم اتخاذه بإجماع الدول الأعضاء.
وكان تحالف أوبك بلس، قد أعلن الموافقة على أكبر خفض للإنتاج منذ جائحة كورونا، ليصل إلى 2 مليون برميل نفط يوميًا.
القرار وصفه وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، بأنه رسالة تحذير للأسواق بسبب حالة الغموض وعدم اليقين، التي تشهدها في الوقت الراهن.
وأضاف أن أسواق النفط العالمية تمرّ في الوقت الراهن بحالة غير مسبوقة من عدم اليقين، متابعاً: “الخفض الحقيقي في إنتاج النفط سيتراوح بين مليون و1.1 مليون برميل يومياً، مع الأخذ في الاعتبار أن بعض الدول الأعضاء في تحالف أوبك+ كانت تنتج أقل من حصتها المقررة”.