بوادر أزمة دبلوماسية تلوح في الأفق بين دولة الاحتلال وبولندا، عقب رفض الأخيرة إجراءات الاحتلال في تأمين سفر الوفود الإسرائيلية التي تزور معسكرات الإبادة النازية الموجودة في وارسو، التي استدعت سفير الاحتلال لديها يعكوب ليفنا، وأبلغته بهذا الموقف، ما قد يعيد توتر علاقتهما إلى سابق عهدها في الفترة السابقة، وتم ترميمها فقط قبل أشهر معدودة.
تتلخص الأزمة في أن جهاز الأمن الإسرائيلي العام- الشاباك، تم تكليفه من قبل حكومة الاحتلال بمرافقة الإسرائيليين المسافرين إلى بولندا، ما أثار غضب السلطات هناك؛ لأن ذلك يعني عدم ثقة إسرائيلية بإجراءاتها الأمنية، وفي الوقت ذاته، فإن مشاهد الحراس الإسرائيليين بأسلحتهم تستفز المواطنين البولنديين.
إيتمار آيخنر، المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، ذكر أنه "بمناسبة اقتراب الذكرى السنوية الـ79 لما تعرف بأحداث معسكر الإبادة في سوبيبور، تتحضر الوفود الإسرائيلية لزيارة المواقع التذكارية للمحرقة في بولندا، وفق التعليمات الإسرائيلية، رغم اتفاق الطرفين في يوليو على إعادة العلاقات لمسارها الصحيح، بعد محادثة رئيس دولة الاحتلال يتسحاق هرتسوغ ونظيره البولندي أندريه دودا، بعد تعليق الرحلات في وقت سابق من هذا العام؛ لأنها مصحوبة بحراس أمن إسرائيليين مسلحين، خلافًا لمتطلبات وارسو".
وأضاف أن "بولندا لم تمنح تصاريح لدخول حراس الأمن الإسرائيليين كما هو مطلوب، حتى أن نائب وزير الخارجية البولندي اتهم السفير الإسرائيلي بتضليل الجمهور بشأن سبب عدم القيام بالرحلات، وسيتم استدعاؤه لتوضيح الموقف له، لأن إجراءات الأمن والحراسة يجب أن تكون ذاتها كما في الدول الأخرى، وتعني الوصول دون سلاح، ويجب على إسرائيل أن تعامل بولندا بنفس معايير الدول الأخرى".
وأوضح أن "الأزمة تزداد بين الطرفين، مع مطالبة رؤساء السلطات المحلية وحركات الشباب والفنانين والجمهور الإسرائيليين، بمن فيهم قائد القوات الجوية الأسبق إليعازر شاكدي والممثلة ميكي كام، رئيس الوزراء يائير لابيد بالتدخل لتسهيل رحلاتهم لمعسكرات الإبادة في بولندا، بزعم أن عدم حصولها يعني تهديدًا وجوديًا للقدرة على نقل ذاكرة الأجيال القادمة، بعد أن حظرت وزارة التعليم إرسال وفود مستقلة هناك دون المرافقة الأمنية المتفق عليها، مهددة بفرض عقوبات على كل من يخالف".
تجدر الإشارة إلى أن دولة الاحتلال دأبت على تنظيم هذه الرحلات إلى بولندا منذ 40 عاما، وصلت ذروتها بمشاركة أربعين ألف طالب وزائر في كل عام، لكن الرحلات توقفت بسبب وباء كورونا، والآن بسبب الخلاف الثنائي حول إجراءات الحماية الأمنية، ما قد يدفع وزارة التعليم لإلغائها بالكامل، الأمر الذي دفع الأوساط النقابية والتربوية في دولة الاحتلال لاعتبار هذا القرار مكافأة لمنكري المحرقة، على حد زعمها.
مع العلم أنه في الصيف الماضي استأنفت الدولتان علاقاتهما المتوترة، عقب خلافات على قانون بولندي يحدّ من دعاوى الملكية من قبل الناجين من الهولوكوست، ما تسبب بمواجهة حادة بينهما، وصلت حد اتهام دولة الاحتلال لبولندا بأنها صادقت على قانون معاد للسامية وغير أخلاقي.