تزايدت في الأيام الأخيرة النقاشات الإسرائيلية بشأن القضايا التي سيبحثها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لاسيما غزة ولبنان وسوريا وإيران وتركيا، التي ستكون محور القمة، وسط دعوات إسرائيلية لنتنياهو بالتمييز بين المجالات التي يُمكن إظهار المرونة فيها للإدارة الأمريكية، والقضايا التي يجب عليه عدم المساس بها، خاصة تلك المتعلقة بمصالح إسرائيل الأمنية الحيوية.
الجنرال غيورا آيلاند، الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي، ذكر أن "هذه القضايا الرئيسية الخمسة: غزة ولبنان وسوريا وإيران وتركيا، توجد فيها فجوة، بل وتوتر، بين الموقفين الأمريكي والإسرائيلي، هذا لا يعني بالضرورة أن هذه القمة ستؤدي لأزمة، بل على العكس تمامًا، حيث سيتصرف نتنياهو بشكل صحيح إذا أبدى مرونة في قضيتين على الأقل، بل وإذا عرف كيف يتوصل لاتفاق بشأن القضايا الأخرى أيضًا، ومع ذلك، من المهم ألا يتنازل عن المبادئ المهمة للاحتلال".
وأضاف في مقال نشره موقع ويللا، أن "القضية الأولى محل البحث في قمة ترامب-نتنياهو هي لبنان، حيث يتزامن انعقادها الوشيك مع ما تشهده الآونة الأخيرة من تصاعد أصوات التهديد بالحرب على لبنان من الجانب الإسرائيلي، سواء من قيادة حكومة اليمين، أو من مصادر أمنية عسكرية، ويستند المؤيدون لتجديد الحرب ضد حزب الله للدرس المستفاد من هجوم حماس في السابع من أكتوبر، وهو ضرورة منع إسرائيل لمنظمات مثل حزب الله وحماس من تعزيز قوتها".
وبين آيلاند أنه "وفقًا للموقف الإسرائيلي، وبما أن الحزب يسعى لإعادة بناء قوته، وحكومة لبنان عاجزة عن نزع سلاحه بالكامل، فإن تجديد الحرب هو الخيار الأمثل، أما الموقف الأمريكي، فهو على النقيض، إذ يرى أن الجمع بين الضغط السياسي والاقتصادي على الحكومة اللبنانية، وإضعاف الحزب بعد الحرب، سيؤدي في نهاية المطاف لتحييده كقوة عسكرية تهديدية، وفي هذا الصدد، من الصواب قبول الموقف الأمريكي، ولا ينبغي اعتباره تنازلاً، لأن مصلحة إسرائيل تكمن أيضًا في تجنب حرب أخرى غير ضرورية في هذه المنطقة".
وأكد الجنرال السابق، أن "القضية الثانية محل البحث هي سوريا، حث تميل الإدارة الأمريكية لدعم الرئيس السوري الجديد، الذي زار واشنطن مؤخرًا، ومنحه فرصة لترسيخ حكمه، وسيطرته على معظم أنحاء البلاد، وتُبدي الولايات المتحدة اهتمامًا بتوصل دمشق وتل أبيب إلى اتفاق أمني تنسحب بموجبه الأخيرة من معظم الأراضي السورية التي سيطرت عليها قبل نحو عام".
وأشار إلى أن "الحاجة الأمنية الإسرائيلية للاحتفاظ بمساحات واسعة داخل سوريا ضئيلة، نظرًا لأن خط الحدود الرسمي يُعدّ مثاليًا من الناحية العسكرية، إذ يسمح لها بالسيطرة الكاملة على سوريا، وعلى عكس لبنان، لا توجد قرى سورية معادية للاحتلال قرب الحدود، كما أن الوجود الدائم للقوات الإسرائيلية داخل سوريا سيؤدي حتمًا إلى تصاعد التوتر مع السكان المحليين، وقد وقعت بالفعل حوادث إطلاق نار أسفرت عن إصابة الجنود".
وأضاف أن "القضية الثالثة التي ستبحثها القمة هي غزة، وهنا يجب عدم المساس بمصالح إسرائيل بعكس سوريا ولبنان، فلا يمكن للاحتلال قبول جميع مطالب الإدارة الأمريكية بشأن قضية غزة، التي تتطلع للانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة ترامب الطموحة لمستقبل غزة المؤلفة من ثلاثة أقسام: أولها نزع سلاح حماس، وقدرتها على الحكم، وثانيها إعادة إعمار غزة وفقًا لخطة ضخمة بتكلفة 112 مليار دولار، وثالثها سحب قوات الجيش من معظم الأراضي التي تسيطر عليها داخل غزة".
وأردف، آيلاند أن "مشكلة هذه الخطة تكمن في ترتيب العمليات، فالأمريكيون مهتمون ببدء إعادة إعمار غزة، وفي الوقت نفسه، تطالب مصر وقطر وتركيا، الدول الوسيطة، بانسحاب الجيش الإسرائيلي، بينما تتمثل مصلحة إسرائيل القصوى في معارضة هذين المطلبين قبل أن تنزع حماس سلاحها، وفي هذه القضية، يجب على نتنياهو ألا يتراجع أو يقدم أي تنازلات، لأن الاستسلام يعني ضياع معظم مكاسب الحرب في غزة".
وأوضح أن "القضية الرابعة هي التهديد الإيراني، فالولايات المتحدة، مثل إسرائيل، عازمة على منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، ولا يوجد خلاف بينهما حول هذه القضية، لكنها لا تقل قلقًا إزاء الجهود التي تبذلها إيران لإنتاج عدد كبير من الصواريخ الباليستية، وقاذفاتها، وهذه الصواريخ، التي يحمل كل منها رأسًا حربيًا يزن نصف طن وتتميز بدقة عالية، ألحقت إسرائيل أضرارًا جسيمة في الحرب التي دارت قبل ستة أشهر".
وأردف أن "إيران تسعى لبناء قدرة تفوق بكثير ما كانت تمتلكه في الحرب السابقة، ومن وجهة نظر إسرائيل، يمثل هذا تهديدًا وجوديًا يجب منعه من التحقق، وهنا سيتعين على نتنياهو بذل جهد كبير لإقناع ترامب وفريقه بصحة هذا الأمر".
وختم آيلاند بالقول إن "القضية الخامسة محل البحث في قمة ترامب- نتنياهو هي التهديد التركي، ويبدو أن أكبر فجوة بين تل أبيب وواشنطن تتعلق بسلوك تركيا، وطموحاتها، حيث يُعجب ترامب بالقادة الأقوياء ذوي النزعة التوسعية، وينظر إلى الرئيس رجب طيب أردوغان على هذا النحو، كما يصدق وعوده المعلنة بالسعي لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط عمومًا، وغزة خصوصًا".
وزعم أنه "من المهم أن يعرف نتنياهو كيف يُظهر التهديد الذي تُمثله تركيا ليس فقط للاحتلال، بل أيضًا لقبرص واليونان، وسيكون مهماً التأكيد لترامب على أنه فيما يتعلق بمستقبل حماس، فإن تركيا ستتصرف حتمًا ضد المصالح الأمريكية، وتحديدًا تفكيك الحركة".
