خبر: عائلة "محمد".. عندما يكون الفقر والمرض ملاذاً
20 مايو 2013 . الساعة 08:08 ص بتوقيت القدس
لكل بيت في قطاع غزة حكاية، تنسجها خيوط من الألم والأمل، ففي كل زاوية منها تقف مكتوف اليدين، صامت اللسان، وتسأل نفسك سؤالاً يدور في ذهنك "ألهذه الدرجة يتحملون أولئك البشر العيش في منازل لا تصلح أصلا للآدميين؟، أم أن السؤال عنهم بات في خبر كان؟". ماذا لو فكر كل واحد فينا أن يعيش لساعة واحدة في تلك البيوت المحاطة ببعض الأقمشة المهترئة، ظناً من المغلوبين على أمرهم أنها ستقيهم برد الشتاء وحر الصيف الذي سيحل ضيفاً خلال الأيام القليلة القادمة. [title]قسوة الحياة[/title] وما أن تطأ قدمك عتبة المنزل حتى تغمرك الدهشة من وجود عائلة تعيش في مكان لا يصلح للحياة الآدمية فالرطوبة تغزو الجدران والأرض والثقوب والشقوق تحتل كل المنزل والمكان لا يصلح لان تسكنه "دابة" أعزكم الله لكنها ظروف الحياة التي أجبرتهم علي البقاء فيه. ففي غرفةٍ متواضعة تخلو من مظاهر الحياة، انهمك محمد أبو دقة في تغطية نوافذ غرفته ببعض الأقمشة المهترئة، وسط عيون تملؤها ملامح الأسى والحزن، وسط عجزه عن توفير أدنى متطلبات الحياة الأساسية لأطفاله الصغار. [title]غصة مؤلمة[/title] وبعيون أدماها التعب مع تفاقم ألم العائلة يوماً بعد يوم، أخذ الثلاثيني أبو دقة يسرد تفاصيل أوجاعه التي لها بداية وليس لها نهاية، يقول:" عائلتنا تتكون من ستة أفراد، يعيشون في مساحة لا تتجاوز الأربعة أمتار، متكدسين فوق بعضنا البعض، ومطبخ صغير لا يتسع سوى لفرد واحد، بالإضافة إلى أمي وإخواني الشباب الثلاثة الذين يعيشون في غرفة مجاورة بوضع إنساني مريب". غصة موجعة أصابت قلب الوالد تبعتها تنهيدةٍ طويلة مستدركاً: فقدت أطفالي الثلاثة بسبب خطأ طبي في أثناء ولادتهم عام 2008، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وبقول يا رب ما إلى غيرك". وتعرض محمد العاطل عن العمل منذ بضع سنوات إلى إصابات عدة في جسده خلال انتفاضة الأقصى أولاها عام 2004، وليس أخرى عام 2007 ، فقبل عدة أسابيع استقرت شظية من الألعاب النارية في إحدى عينيه لتتعطل بنسبة كبيرة. [title]بصيص أمل[/title] وأشار محمد أن عينه تحتاج لإجراء عملية جراحية عاجلة خارج قطاع غزة، إلا أن الظروف المادية الصعبة التي يمر بها تحول دون الخروج للعلاج. وبصوت أرهقه العجز والفقر يبين أنه بحاجة لمتابعة صحية دائمة، لافتاً أنه في أغلب الأوقات لا يتمكن من توفير مصاريف العلاج، لاسيما أنه يقتات من المساعدات التي يتلقاها من "أهل الخير"، موجها اللوم في الوقت ذاته إلى الجهات الحكومية التي لا تسأل عنهم في أحلك الظروف. انتهى الحديث مع محمد, لكن معاناته وصورها لم تنته بعد، وسط بصيص من الأمل بانفراج همه، رغم أن ثقته بالله عز وجل أكبر يقين بإيجاد قوت يومه للجوعى من أطفاله. [title]بيت تغزوه الطفيليات [/title] وبمرارة العيش وقسوة الحياة، تحكى الزوجة قصتها مع الألم، قائلاً: "انظروا حولكم فلن تجدوا أدنى مقومات الحياة، فلا أثاث للنوم ولا للجلوس، والأدوات الكهربائية البسيطة مفقودة". وتابعت والحزن يخيم على ملامحها: "في فصل الصيف معاناة جديدة عوضاً على فصل الشتاء فالرطوبة تملأ الجدران والأرض والحشرات والطفيليات تغزو البيت وتشاركنا في كل شيء حتى في طعامنا، وبينت "لا نجد مكان نهرب منه فهذا قدرنا من الحياة". وقبل أن نغادر المنزل طالبت زوجته المسكينة التي لم تعد تطيق العيش في منزلها وهي ترى بأم عينيها جوع صغارها؛ كافة المؤسسات الإنسانية والإغاثية بمساعدتهم ولو بالقليل ليستطيعوا الاستقرار في بيت يأويهم ويسترهم كباقي البشر. وتابعت: "الحياة باتت لا تطاق وليس لها أي معنى فابنتي تحلم بأن يكون لها غرفة كباقي الأطفال في العالم، في حين أن ذلك بالنسبة لي مجرد حلم تتمنى صغيرتي أن أحققه لها، لكن ما في اليد حيلة". بعيد عن أنظار من يتغنون بحقوق الإنسان تعيش هذه العائلة في مكان لا يستطيع من ينادي بحقوق الإنسان المرور فقط من جانبه، لتعاني بصمت فصول الحياة المريرة وتحلم مجرد حلم أن يكون لها بيت كباقي أسر العالم.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.