مبادرة إنسانية من الطراز الأول تلك التي تقدم بها رئيس وزراء أكثر حكومة محاصرة في العالم والتي نصت على مساعدة وإيواء من يتشردون من أبناء بلاده "المشردون أصلا" بتوفير بعض متطلباتهم الحياتية التي يحتاجونها للإستمرار في الحياة التي لم يبقى لها أي طعم ولا لون ولا رائحة بعد مشاهد القتل والملاحقة والتعذيب التي شاهدوها في منفاهم السابق. ومن منفى إلى منفى كتب على الفلسطينين أن ينتقلوا ليبحثوا عن أبسط هذه المقومات فكان لزاما على أحدٍ ما أن يبادر بما تقدم به رئيس حكومة غزة إسماعيل هنية، ولأن الإنسانية لا تكون إلا من أهلها، فكان من غير المستغرب أن يخرج من أهل غزة من يقول ذلك ويبادر به، وباعتبار أن غزة ليست بلادهم الأصلية فقد تكون المنفى الأخير لهم قبيل عودتهم المنتظرة إلى بلادهم التي كانوا فيها قبل النفي الأول فلا إلغاء لحقهم في العودة إلى بلاد ينتظر الكثير من أهل غزة أن يعودوا إليها فصفد وعكا ويافا واللد والرملة لم تغادر قلوب أهلها وأصحابها. منزل وتعليم مجاني ووظيفة لكل معيل أسرة فلسطينية مشردة من سوريا تأتي إلى غزة كانت مبادرة هنية لمحاولة استقبال الأسر السورية التي لاحقتها يد البطش والإجرام في سوريا لا تعني أن غزة وصلت إلى مرحلة من الرفاهية وتوافر الإمكانات الفعلية لإستقبال وتحمل تبعات توافد عدد من الأسر السورية إليها بقدر ما يعني أن الأمر كان يحتاج إلى وقفة رجولية تشعر أبناء الوطن بوجود عمق شعبي لهم في جزء من بلادهم يصنف على أنه قد حرر بالمقاومة وأصبح حراما على العدو جوا وبرا وبحرا، فغزة اليوم تتعرض لحصار مطبق يتمثل في اغلاق معبر رفح البري مع مصر لأيام طويلة ومتتالية بلغ أقصاها عشرة أيام قبيل أيام، ومنع لدخول الوقود الصناعي الخاص بمحطة توليد الكهرباء في غزة مما يعني انقطاع متواصل للكهرباء بلغ لدرجة أن غزة لا يرى أهلها الكهرباء إلا لمدة 6 ساعات في اليوم والليلة. غزة تستغيث وأهلها لديهم الكثير من الإحتياجات التي تنقصهم فغزة بدون موارد بها ما بأي دولة عربية لها مواردها من مشاكل كالبطالة والفقر ولكن عندما يتلخص الأمر في محاولة لكسر إرادة مجموعة من الفلسطينيين في أي مكان في العالم تتدخل غزة لتصلح ما أفسده المجرمون فتغيث أبناء الوطن أينما كانوا، كانت تلك الروح التي دفعت غزة "المقاومة" إلى تلك المبادرة ..