20.55°القدس
20.27°رام الله
19.42°الخليل
24.53°غزة
20.55° القدس
رام الله20.27°
الخليل19.42°
غزة24.53°
الأحد 13 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: فلسطين.. العامل المشترك بين قتل البنا والتآمر على مرسي

(من الصعب الادعاء بأن حلَّ جماعة الإخوان المسلمين في 8/12/1948 واغتيال البنا في 12/2/1949 لم يكن له علاقة بجهاد الإخوان في فلسطين. وربما لا تكون مشاركتهم في حرب فلسطين هي السبب الوحيد، لكن القدرة العالية على التعبئة والحشد التي أظهرها الإخوان، والبطولات والتضحيات التي برزت في المعارك والصدامات، فضلاً عن الاستعدادات الحقيقية لتحشيد عشرات الآلاف وهو ما يفوق أعداد بعض الجيوش العربية..، كل ذلك أثار مخاوف الصهاينة والبريطانيين والعائلة الحاكمة في مصر.. خصوصاً إذا ما وجدت احتمالات لتوجيه غضب الشارع المصري ضدّ نظامه الحاكم بسبب تخاذله وضعف أدائه في فلسطين. لقد دفع الإمام البنا فاتورة حبه لفلسطين والتزامه الصادق بنصرتها وتحريرها، كما دفعت جماعة الإخوان فاتورة جهدها وجهادها في فلسطين. استشهد الإمام البنا، وحُلّت الجماعة وتعرضت للقهر والمطاردة... لكن الجماعة بقيت وسقط النظام الملكي...) هذه الكلمات كانت ملخصاً لبحث بعنوان "الإمام حسن البنا والقضية الفلسطينية" للباحث الدكتور محسن صالح. فهذه النتيجة التي توصل إليها الباحث تتفق مع العديد من الأبحاث المهنية والعلمية التي خلصت إلى أن من أهداف قيام ما يُعرف بالدول القطرية أو الوطنية أو القومية هو الحفاظ على وجود دولة العدو الصهيوني والمحافظة على أمنها لأنها ضمان لبقاء العرب والمسلمين متشرذمين ومتصارعين ومشتتين، لأن رجوع فلسطين لا يتم إلا بوحدة عربية إسلامية تقتلع الكيان الصهيوني من قلب الأمة العربية والإسلامية، وإن أي نظام أو جماعة تهدد هذه المنظومة فلا بد من محاربتها وإقصائها، وهذا ما رسمه الغرب وعمل على ترسيخه في المنطقة كنتيجة وصل إليها الغرب بعد دراسته لعوامل وأسباب فشل الحروب والحملات الصليبية، لأن بقاء دولة العدو امتداد لهذه الحملات والحروب. الرئيس المصري المختطف يشترك مع حسن البنا في أنهم من مدرسةٍ واحدةٍ عقائدياً وفكرياً، مدرسةٍ ترفض الفهم الضيق لمفهوم الوطنية والقومية القائمة على تعزيز تقسيم الأمة العربية لدويلات، ولا تؤمن بالوحدة العربية والإسلامية ولا تؤمن إلا بحب وطنها فقط، بل تقدسه على ما أمر الله بحبه من الأماكن: مكة المكرمة ثم المدينة المنورة ثم المسجد الأقصى. لقد أدرك الغرب أن مرسي وجماعة الإخوان المسلمين من خلفه الخطر الأكبر على المشروع الغربي في المنطقة، فكان لا بد من زواله وتغييبه، وتيقن الغرب من ذلك أثناء معركة حرب السجيل الأخيرة، والتي نعيش نسمات عَبَرات شهدائها وانتصاراتها في هذه الأيام، بل إننا نجزم أن الرئيس محمد مرسي وبعض الزعماء المسلمين كانوا أبطالاً من أبطالها، وربما سيدفعون ثمن هذه البطولة لاحقاً. كان أوباما يحاول أن يضغط على مرسي ليضغط بدوره على حماس لتعلن هي وقف الحرب الأخيرة –أي العدوان الصهيوني - على غزة لا دولة العدو، وكان يتصل أوباما في اليوم أكثر من مرة ويتنصل مرسي من أي وعد بذلك بدبلوماسية فائقة ولبقة، لدرجة أن وزيرة خارجية أوباما هيلاري كلنتون انتظرت في قصر الاتحادية ست ساعات وهي تنتظر الرئيس مرسي لمقابلته لينقذهم من ورطة عدوان الكيان الصهيوني على غزة، ولكنها خرجت صفر اليدين ورضخت في النهاية هي والكيان الصهيوني لشروط المقاومة. في زيارة الرئيس محمد مرسي لواشنطن تم إلغاء البيان الختامي للزيارة لأن الأمريكان أصروا على وجود كلمة (إسرائيل) فيه، فرفض مرسي البيان، والجملة كانت تقول: تحرص الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية مصر العربية على تحقيق السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط بما فيه أمن دولة (إسرائل)، بل إن العدو الصهيوني كان يتمنى أن يتلفظ مرسي الرئيس يوماً في أي من خطاباته أو لقاءاته بلفظة (إسرائيل). لقد أدرك الغرب بكل أطيافه وعملائه في المنطقة أن مرسي يعمل على تغيير ثقافي كبير في مصر يُهيئ لمرحلة تحرر للأمة ولجعل مصر تقود المنطقة للصدارة في نواحٍ عديدة، اقتصادياً وسياسياً وصناعياً وأمنياً، والدليل على ذلك أن مرسي قام بعقد اتفاقيات كبيرة لصناعات عديدة مع البرازيل ومع روسيا، وكانت مصر على وشك البدء بإنتاج طيارة بدون طيار بمعاونة الصين، بل إن دينس روس قال: لقد أربكنا مرسي بسياسته فقد كان يتعامل معنا كند وليس كرئيس دولة تحتاج للمعونات الأمريكية! الغرب قام بمتابعة وتحليل كل خطوة خطاها مرسي وأنصاره، فكانت كل المؤشرات تدل على أن قلبه يتجه لقلع العدو الصهيوني من أرضنا الإسلامية، وتيقن الغرب من هذا الأمر حينما أصر أن يفتح الصندوق الأسود وينظر ما فيه وكيف يُدار، ويُتابع قراراته وتحركاته، فانقلب عليه المنتفعون من هذا الصندوق الأسود الذي يُسمى زوراً وبهتاناً بالمؤسسة العسكرية، فكيف يمكن لجيش أن يُدافع عن بلده وأرضه ويحرر أرض المسلمين وهو يعتمد في كل شيء على أعدائه، في التسليح والتصنيع والتدريب؟ لقد رأى الجميع كيف دخلت الوفود لغزة لتشد من أزرها في حصارها من الأعداء وأعوانهم، وكيف كان السيد قنديل رئيس وزراء مصر على رأس هذا الوفد والذي ضم الأمين العام لجامعة الدول العربية ووزراء خارجية العديد من الدول العربية، رأى الجميع علماء الأمة وهي تتقاطر لنصرة غزة، بل رأوا كيف يدخل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وإخوانه غزة، وكأنهم فاتحين منتصرين والعدو ساكنٌ لا يملك من أمره شيئاً، رأوا كيف يدخل فلسطينيو سوريا غزة فتكون لهم مأوى وحضن، رأوا كيف تنفس أهل غزة بعض الصعداء من خلال معبر رفح الذي تم فتحه بشكل أفضل من العهود السابقة رغم معوقات الدولة العميقة في جميع الملفات السابقة، بل رأوا الإنجاز الأكبر حيث صفقت وفاء الأحرار وخروج المآت من المعتقلين رغم أنف العدو وذلك بحضانة وإشراف دولة مرسي، رأوا كيف بدأت اللحمة تتعزز أكثر فأكثر بين أهل غزة وأهلهم في مصر، رأوا رؤساء وأمراء يمرون من مصر ليضعوا رحالهم في غزة، كأمير قطر ورئيس وزراء ماليزيا، وكادوا أن يفقدوا عقولهم من زيارة أردوغان المرتقبة لغزة الصامدة الصابرة كزعيم دولة يمثل جيشها أكبر ثاني جيش بحلف الناتو عددا، لكن الزيارة أفشلها الإنقلاب! إن قضية القدس وفلسطين أرادها أعداء الأمة أن تكون عنواناً لانهزام وانكسار وإذلال العرب والمسلمين، ولكن أصحاب المشروع الإسلامي ابتداءاً بالبنا وليس انتهاءاً بالرئيس مرسي أرادوا أن تتحول هذه القضية رمزاً لعزة الأمة ووحدتها وتضامنها وبعثها من جديد، فدفع الأول حياته ودفع الثاني منصبه وقد يدفع حياته أيضاً، ولكن كل هذا يهون لأن أصحاب الحق سيخرج منهم بين الحين والآخر أمثال هؤلاء، فطوبى لمن استُشهد أو اعتُقل من أجل عز الأمة وكرامتها. لقد دفع الإمام البنا والرئيس مرسي فاتورة حبهما لفلسطين والتزامهما الصادق بنصرتها وتحريرها، وكما دفعت جماعة الإخوان فاتورة جهدها وجهادها في فلسطين أيام الينا واستُشهد الإمام البنا، فحُلّت الجماعة وتعرضت للقهر والمطاردة... لكن الجماعة بقيت وسقط النظام الملكي، فإن جماعة الإخوان اليوم تدفع الفاتورة مرة أخرى لكنها – كذلك - ستبقى وسيذهب النظام الانقلابي الحالي، ولن يرث الأرض إلا عباد الله الصالحين، لأن هذه ثوابت ومنطلقات وعقيدة يفهما الناس كلٌ حسب فهمه ووعيه.