24.41°القدس
23.83°رام الله
24.42°الخليل
25.73°غزة
24.41° القدس
رام الله23.83°
الخليل24.42°
غزة25.73°
الأحد 13 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: غزة وكارثتها وصبرها!

فرق كبير بين مستوى حالتي التضامن مع غزة في مآسيها السابقة، ومأساتها الأخيرة المركبة، المتوزعة على آثار المنخفض الجوي وشحّ الوقود وانقطاع الكهرباء والحصار المطبق الذي تساهم فيه سلطة الانقلاب في مصر دون أن يرفّ لها جفن من حياء أو تضطر لتبرير الأمر حرصاً على صورتها في الإعلام وأمام العرب والعالم! حدث قبل سنوات أن غرقت غزة في الظلام لأيام فخرجت المظاهرات في عواصم كثيرة، وحدث أن شنّ عليها الاحتلال هجومين قاسيين آخرهما قبل عام فعمّ التضامن معها كل العالم، وما لبثت قوافل المناصرين أن دلفت إليها من كل مكان. اليوم، وتحديداً منذ الانقلاب في مصر، استغلّ كل المتواطئين على حصار غزة حالة الانشغال العربي في مختلف الساحات للدفع بغزة نحو حافة الهلاك، ولم تكن قيادة السلطة في الضفة الغربية بمنأى عن جهات الضغط والتآمر تلك، بل كانت لاعباً أساسياً في معادلة الحصار والخنق على مرّ السنوات السابقة. الفرق اليوم أن العالم (وخصوصاً العربي والإسلامي) الذي أدمن مشاهد القتل والدمار والتشريد في أكثر من ساحة عربية لم تعد تستفزّه مشاهد حصار غزة ولا حتى آثارها، فالجراح توزّعت، وهموم الأمة تتكاثر وتتسع دائرتها. وباستثناء دور كل من قطر وتركيا الذي كان منحازاً على الدوام لمظلومية غزة دونما اعتبار لأية حسابات سياسية، فإن غزة واجهت مأساتها الأخيرة منفردة، ورغم أن كل الطواقم الحكومية وتلك المحسوبة على حركة حماس وكتائب القسام وسرايا القدس هبّت لإغاثة المنكوبين وبذلت أقصى ما لديها لمواجهة تداعيات المنخفض الأخيرة وما سبقه إلا أن الحكومة لن تملك الكثير لتقدمه لبقعة محاصرة وصغيرة، فقدت كلّ مقوّمات الحياة والنهوض، ولم يبق في كنانتها غير صبرها الاستثنائي وطاقتها الفذة للتأقلم مع مصاعب المعيشة. فكان اللافت وأنت ترى شحّ إمكانات التصدي لطوفان المياه، ولانعدام الحيلة أمام ندرة الوقود وغياب الكهرباء أن تتذكر أن هذه البقعة هي ذاتها التي صمدت في وجه إسرائيل في جولتين، وصنّعت سلاحاً ذاتياً تنافح به عن كرامتها، وجلبت الحرية لنحو خمس الأسرى في السجون في عملية وفاء الأحرار، وما زالت متفردة في تعاليها على وسائل الترهيب ومحاولات الإخضاع. كثيرة هي دروس غزة من مآسيها المتعاقبة، لكن الأهم من تدارسها واستحضارها هو التفكير باستثمار طاقة صبرها التي لا تنفد لأجل تغيير حالها، والعمل لفرض معادلة جديدة لا تكون فيها غزة تحت رحمة المحاصِرين، ولا عرضة للإنهاك كلّما ارتفع منسوب السادية في نفوس المجرمين ورغبوا بتنفيسها باتجاه غزة، أو كلّما أرادوا معاقبتها على التمسك بخياراتها العنيدة. لم يُغرق بحر الاستهداف غزة حين كانت عزلاء إلا من الحجارة والأسلحة البيضاء، ولا يجوز أن يُغرقها اليوم ولا أن يحاول ذلك وهي تموج سلاحاً وتنبت آلاف المقاتلين كلّ عام، ومن حفر الأنفاق الطويلة وطوّر الصواريخ قادر على اجتراح آليات تحدّ غاضبة أخرى تكفي غزة عناء الاسترحام غير المجدي والمطالبات العبثية لمنظومة التآمر إياها.