25.52°القدس
24.93°رام الله
26.64°الخليل
26.73°غزة
25.52° القدس
رام الله24.93°
الخليل26.64°
غزة26.73°
الأحد 13 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: السيارات المفخخة والدستور

في ضاحية باريسية هادئة، وعلى مائدة إفطار رمضانية، وقبل يومين من الإعلان الرسمي عن وفاة ياسر عرفات، قال وزير خارجية أوروبي مخاطباً مسؤولاً فلسطينياً: لا سبيل الآن لترتيب بيتكم الداخلي في حقبة ما بعد عرفات إلا بالتفاوض مع حماس وإدخالها إلى المشهد السياسي لتجنب قدرتها الهائلة على تخريب كل ما أفرزه اتفاق أوسلو. المسؤول الفلسطيني رد بقوله: لكن " لكي نفاوضهم، لا بد من أن نضربهم"!!. تذكرت هذا الموقف فور سماعي بخبر التفجير الدموي في الدقهلية بمصر. في العالم العربي مدرسة أمنية لا أعرف - وإن كان ليس من الصعب أن أعرف- من أين تم استيرادها أو استعارتها. العقليات التي تتلمذت في هذه المدرسة ترى أن الحل السياسي أياً كان شكله أو مضمونه لا بد أن يتفتق من بين خلايا الحل الأمني. وطبيعة الحل الأمني تختلف من مكان لآخر ومن ظرف إلى آخر، إلا أن المكون الأساسي فيه هو دماء البشر وأرواحهم، والتي لا بد من أن تزهق وتهدر لإيصال الرسائل السياسية المبتغاة بقوة ووضوح!! في مصر فريقان يتصارعان، أحد الفريقين صاغ دستوره ويريد أن يضفي عليه صبغة القبول الشعبي. الدعوة للتصويت على هذا الدستور تتسم بالحدة التي يمكن ملاحظتها من الإعلانات في الشوارع وأبرزها شعار (نعم للدستور). هذه الإعلانات كما يرى الدكتور محمد العشيري "تصادر حرية أفراد الشعب فى الإدلاء برأيهم بالموافقة أو الرفض بإرادة مطلقة، بل توجههم وجهة معينة، حتى وإن كان في تلك الوجهة صالح البلاد. فإجراء استفتاء ما يعني بداهة إعطاء المستفتين الحرية كاملة دون أي تأثير في اتجاهاتهم، ليحددوا خيارهم دون تدخل" هذه الإعلانات حسب ما لاحظ الدكتور العشيري تحاول أن تسوق الناس نفسيا إلى وجهة محددة تريدها الجهة التي فكرت في الإعلانات ومولتها ووزعتها. لا شك أن الحكومة المصرية تعرف تلك الجهة، أو الأشخاص الذين مولوا حملة نشر ذلك الإعلان، لأنهم لابد قد حصلوا على إذنها وموافقتها قبل توزيع اللافتات وتعليقها في الشوارع. والطريقة الصحيحة في التصويت الشعبي على مواد دستورية أو قوانين أو سياسات، هو أن نبرز المواد التي يريد من أفراد الشعب الالتفات إليها في إعلانات مختلفة، دون تدخل أو توجيه أو مصادرة للآراء. بيد أن الانقسام الواضح في المشهد السياسي المصري يجعل الإقبال الكبير على المشاركة في الاستفتاء على الدستور موضع شك كبير خصوصا إذا أخذ بعين الاعتبار الوضع الأمني غير المستقر بشكل عام. إذن الصراع لا ينحصر فقط في شرعية أو عدم شرعية الدستور المقترح، وإنما في نسبة الالتفاف الشعبي حوله. ومن الطبيعي أن يفكر الطرفان في حسم هذا الصراع كل لصالحه. ويبدو منطقياً الاستنتاج بأن الجهة التي تقبض على مقاليد السلطة السياسية والأمنية قد فكرت بطريقتها في حسم الأمور لصالحها على هذه الجبهة. حادث دموي كبير، يوقع عشرات القتلى والجرحى، ضد هدف يراه الطرف الآخر مشروعاً أو واضحاً في خصومته له. من هنا يمكن أن نفهم خروج رئيس الحكومة المؤقت حازم الببلاوي بعد دقائق من تفجير الدقهلية ليعلن أن الإخوان المسلمين جماعة إرهابية. الرسالة إذن اكتملت: هناك قتل ودماء كثيرة ستسيل، ومن يقوم بها أو يخطط لها هم من يعارضون الدستور، والخيار أمام المواطن هو إما السيارات المفخخة والدماء والقتل، وإما أن يتخلص من مرتكبي هذه الأعمال، وطريقة التخلص هي التصويت على الدستور!! في العراق، ترسل الجهة الحاكمة يومياً عشرات الرسائل إلى العراقيين السنة، وإلى الدول المعنية بالوضع العراقي، على شكل سيارات مفخخة تنفجر في الشوارع والأسواق