من الواضح أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر تعلمت من تجربة حماس في فلسطين وفي قطاع غزة تحديداً، حيث إن صمود الشعب الفلسطيني ومقاومة حماس للاحتلال بثت روح التحدي في الجماعة مما دفعها إلى تهديد النظام البائد بالنزول إلى الشارع قبل شهر من انطلاق الثورة المصرية في 25 يناير. وكذلك فإن الجماعة استشعرت الضغوط التي يمكن لمصر مواجهتها إن هي تسلمت الرئاسة في مصر إلى جانب سيطرتها على البرلمان المصري كما حدث من حصار عالمي لقطاع غزة، ولذلك فإنها لن تخوض سباق الرئاسة حتى تخفف من حدة الصدام مع الأحزاب المصرية الأخرى ولتفادي أي نوع من الضغوط الغربية على مصر حتى تنهض مصر وتصبح قادرة على الوقوف أمام التحديات الخارجية، وكذلك فعل حزب النهضة في تونس الذي اكتفى بالحكومة وترك منصب الرئاسة لحزب آخر أملاً في إصلاح الأوضاع الداخلية وعدم التأثير على علاقات تونس الخارجية. قبل أيام قيل بأن حماس ربما تخوض سباق الرئاسة في فلسطين، أي أن حماس لا ترفض المشاركة من حيث المبدأ والاحتمالات قائمة، واعتقد أن عدم مشاركة حماس في انتخابات الرئاسة أفضل من مشاركتها، وكذلك أرى أنه من الضروري أن تعلن حماس عدم رغبتها في السعي لمنصب الرئيس حتى لا تزيد من الضغوط الخارجية القائمة حالياً في سبيل إفشال المصالحة الداخلية.. ولا شك أن المنافسة على منصب الرئاسة أو حتى الإعلان عنها سيثير حفيظة حركة فتح وباقي فصائل منظمة التحرير وبذلك تتعزز قوة التيار الداخلي الرافض للمصالحة مع حماس مما يتسبب في عرقلة المصالحة والتي ما زالت تتعثر بالتأجيل والتسويف وعدم التطبيق على أرض الواقع. الخلافة الراشدة والحكم بما أنزل الله من أسمى وأهم غايات جماعة الإخوان المسلمين، ولكن للوصول إلى ذلك الهدف بأمان يجب بناء قواعد سليمة قادرة على حماية الدولة المدنية التي تحتكم لشرع الله عز وجل من التحديات الداخلية والخارجية، وذلك لا يكون إلا بالفهم الصحيح للإسلام واستعداد الأمة لتحمل تكاليف الدعوة ورفع راية الإسلام، ولذلك فإن المرحلة الحالية تستوجب من الإسلاميين التركيز على نشر الدعوة وإصلاح البلاد وخاصة من الناحية الاقتصادية من خلال البرلمانات والحكومات، أما الرئاسة فوقتها لم يحن بعد، وهذا ما يجب أن تتعلمه حماس من جماعة الإخوان في مصر وتونس.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.