13.33°القدس
12.95°رام الله
12.19°الخليل
19.23°غزة
13.33° القدس
رام الله12.95°
الخليل12.19°
غزة19.23°
الأربعاء 13 نوفمبر 2024
4.82جنيه إسترليني
5.29دينار أردني
0.08جنيه مصري
4يورو
3.75دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.82
دينار أردني5.29
جنيه مصري0.08
يورو4
دولار أمريكي3.75

أين موقع السلطة من انتفاضة القدس؟!

عماد زقوت
عماد زقوت
عماد زقوت

بعد شهر ونصف من انطلاق شرارة انتفاضة القدس يجب تقويم أداء السلطة وحركة فتح برئاسة أبي مازن، وعلينا أن نتساءل: ماذا قدمتا للانتفاضة؟، وهل وفرتا لها المناخ المناسب لتوسعها وانتشارها؟، أم أننا سنصطدم بواقع أن السلطة لا تريدها أصلًا؟، كيف لا وهي التي تعمل بكل جهودها وإمكاناتها على أن تبقى مجرد "هبة شعبية سلمية" دون أن تتطور إلى مواجهة مسلحة أو _على الأقل_ استخدام السلاح للدفاع عن شعبنا ومؤسساته؟!

في الحقيقة في الخمسين يومًا الماضية تجنبنا التطرق إلى تلك التساؤلات، حتى نترك الميدان لشبان الانتفاضة، ولنبقي على جذوتها حتى تسير سفينة الانتفاضة، التي واجهت أمواجًا عاتية من التآمر عليها، ومحاولة الالتفاف عليها، إلا أنها بحول الله تمكنت من تخطي الصعاب، وهي الآن تخطو خطوات مهمة نحو التوسع والانتشار، والولوج بثبات إلى مرحلة جديدة من العمليات المنظمة والمؤثرة، وكأنها أعطت لنفسها الإشارة باستمرارها، وعدم تراجعها. 

فموقع السلطة وفتح من الانتفاضة واضح أنه سلبي على كل المستويات التالية: 
أولاً: المستوى الميداني: لقد سخرت حركة فتح كل إمكاناتها، ووجهت لجان التعبئة والتنظيم التابعة لها إلى السيطرة على كل الفعاليات والتظاهرات حتى المواجهات على نقاط التماس، وذلك بوجود عناصر فتح فيها بكل قوة، وأيضًا وجودها في تشييع الشهداء، وفرض تبنيها لهم، وبذلك تكون حركة فتح ضربت عصفورين بحجر واحد، فهي تضمن عدم خروج تلك التظاهرات عن "الحد المطلوب منها"، وتظهر أمام الجماهير أنها تحتضن التظاهرات ولا تمنعها. 

ولو كانت حركة فتح جادة في تبني فعاليات الانتفاضة لأشعلت كل أماكن التماس مع الاحتلال، وأشرفت على تنظيمها، ولكنها على النقيض كانت تضيق عليها الخناق بعرقلة وصول حشود الطلبة والشبان إلى تلك الأماكن، فضلًا عن تهديدهم. 

ثانيًا: على المستوى الإعلامي: عن هذا حدث ولا حرج، وكلنا بإمكاننا التحقق من السياسة التحريرية للإعلام الفلسطيني الرسمي بمشاهدة تلفاز فلسطين، الذي مازال منتظمًا في بث دورته البرامجية، دون إبداء أي اهتمام بانتفاضة شعبنا، ولا بالعدوان الصهيوني المتكرر على أبنائنا، ويتعامل باستحياء مع الأحداث الجارية في الضفة، ولو كانت السلطة بأجهزتها تريدها انتفاضة لأطلقت العنان لإعلامها بكل أنواعه لمساندتها إعلاميًّا، وجعلت شاشة تلفاز فلسطين منبرًا لها. ثالثًا: المستوى الأمني: يا للأسف!، في ظل الاعتداءات الصهيونية المتواصلة على شعبنا ومؤسساته وانتفاضته على الاحتلال لم تدخر السلطة بأجهزتها الأمنية جهدًا في مطاردة واعتقال شبان الانتفاضة، والتضييق عليهم، وقد نفذت عشرات عمليات الاعتقال منذ انطلاق هذه الثورة المباركة، ويدور في الأفق شبهات عن دور التنسيق الأمني مع الاحتلال في كشف خلايا للتنظيمات الفلسطينية في الضفة، وفوق ذلك هي تمنع فضائية الأقصى من التغطية الإخبارية المباشرة في الضفة، بتهديد شركات إعلامية موجودة هناك، وهذا يعد اعتداءً صريحًا على الحريات الإعلامية. 

ولا ننسى في خضم ذلك ما شاهدناه من اقتحام لقوات صهيونية خاصة لمستشفى الأهلي، الذي يقع وسط الخليل، ونفذت فيه عملية قتل واعتقال اثنين من عائلة شلالدة، ولم يكن ذلك ليحصل لولا تنسيق كامل مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة.

رابعًا: على المستوى السياسي: كل الفصائل الفلسطينية تصدر "بيانات مباركة" للعمليات البطولية التي تنفذ في الضفة، إلا حركة فتح التي تلتزم الصمت، والجميع انتقد عملية اقتحام المستشفى الأهلي في الخليل، إلا فتح التي اكتفت بالإيعاز لرامي الحمد لله رئيس الوزراء بإعلان وضع قوة مشتركة من الأجهزة الأمنية لحماية المستشفيات، وكأنها ستواجه أي عدوان قادم، لكن القرار جاء للتغطية على عمالة تلك الأجهزة، التي وفرت المعلومات عن وجود الجريح شلالدة، ثم أعطت الأوامر لعناصرها بالانسحاب تمهيدًا لدخول المستعربين لتنفيذ جريمتهم. 

ربما يأتي من يقول: "إن ما سبق عليك ذكره في المستوى الأمني"، ولكني أجيب بأن المستوى السياسي المتمثل في شخص أبي مازن يوفر المناخ المناسب لتلك الجرائم، بصمته المتعمد، وبقراراته المتواطئة، هذا عن سياسته الداخلية، ولكن سياسته الخارجية أكثر تورطًا، ونتساءل: أين هي سفاراتنا في دول العالم؟!، لماذا لم نسمع عن فعالياتها واحتجاجاتها ورسائلها إلى رؤساء العالم للوقوف إلى جانب شعبنا المظلوم؟!، وللأسف!، أختم بالقول: إن السلطة متواطئة مع قوى عظمى، من أجل الالتفاف على انتفاضة القدس، لكنها ستبقى وتنتشر.