تسود حالة من الاستياء بعض أصحاب مصانع الباطون والمقاولين من الارتفاع المرتقب لأسعار الإسمنت بمقدار 25 شيقلا للطن، ما يعني أن ثمن كوب الباطون الجاهز سيرتفع 8.5 شيقل.
وبحسبة بسيطة -وفق تقديرات المختصين- ينتج طن الإسمنت الواحد حوالي 3.5 كوب باطون، أي أن كل 100 متر مربع من البناء ستزيد تكلفتها بنسبة 1000 شيقل.
ليس هذا فقط، بل سيصبح فرق السعر مع دولة الاحتلال الإسرائيلي أغلى بـ 68 شيقلا، مما يثير مخاوف من تأثير هذا الارتفاع على الحركة العمرانية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتحتكر شركة "سند" للصناعات الإنشائية، التابعة لصندوق الاستثمار الفلسطيني- هذه السلعة الهامة.. فهي تعد الوكيل شبه الحصري لشركة "نيشر" الإسرائيلية، في حين يتم استيراد كميات من الإسمنت من الأردن ودول أخرى.
أزمة توريد
مراسل "فلسطين الآن"، تحدث إلى مجموعة من المختصين، لسبر أغوار هذا الملف الشائك.
يقول نقيب المقاولين الفلسطينيين "مروان جمعة" إن هناك أزمة في توريد الإسمنت، إذ يتم تزويد الأسواق بـنحو 2.5-3 مليون طن سنويا، منهم مليون و800 ألف طن سنويا عبر الشركة الإسرائيلية. وبرز عدم الالتزام بالتزويد بالكمية المطلوبة خلال شهري 1+2 الجاريين، فقد كانت متوقعا وصول 140 ألف طن.. لكن وصل 90 ألف طن فقط.
وتابع "إضافة لعدم الالتزام بتوريد الكميات المطلوبة، هناك عتب شديد على وزارة الاقتصاد لغياب الدور المطلوب في تحديد أسعار الإسمنت. فهناك تباين واضح في الضفة الغربية وغزة، وحتى في داخل المنطقة الواحدة.
وأشار جمعة -الذي انتخب حديثا في منصبه- أن ثالث العقبات هي جودة الإسمنت المورد عدة شركات، إذ ظهرت بعض المشاكل خلال الفحوصات، بالتالي يجب أن يكون هناك فهم واضح في التعامل مع هذه السلعة وفق أفضل المواصفات.
حوار مستمر
وعن احتكار شركة سند، أشار النقيب إلى أن يجري حوارا هادئا مع الجهات المختلفة، وهم: أصحاب المصانع واتحاد المطورين وشركة سند، ونحن نطرح آلية محددة ليتم الاتفاق عليها، خاصة أن أي زيادة على أسعار الإسمنت تتوزع على ثلاثة أطراف، وهي: شركة سند ومصانع الباطون والقطاع الخاص، مؤكدا أن المقاول (القطاع الخاص) وأصحاب العقود الآجلة من أكثر المتضررين من رفع الأسعار.
وأوضح "أكدت لمدير شركة سند لؤي قواس أن أي زيادة يجب أن تكون مبررة، فكان ردهم أن أرباحنا كانت 24% وتراجعت إلى 9%، ويفكرون في طرح أسهم الشركة كشركة مساهمة عامة.. من أجل هذا قدمنا مبادرة ثلاثية تقوم على تأمين الكميات المطلوب، ومتابعة جودة الاسمنت المورد.. وأيضا الزيادة في الأسعار التي يجب أن تكون وفق معايير السوق وبترتيب مع وزارة الاقتصاد. وانتظر جواب من إدارة سند قريبا.
قرار غير موفق
أصحاب المصانع أكدوا أن قرار شركة "سند"، غير مبرر وليس في وقته، خاصة في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة والمواطنون، وأنهم سيتعرضون لخسائر كبيرة جراء القرار، خاصة أنهم أبرموا بداية العام عقودا لتوريد الباطون لكثير من الشركات والإسكانات على مستوى الوطن وفقا للأسعار القديمة، ما يعني خسارة كبيرة لهم.
"شاهر القطب" صاحب شركة "القطب" لصناعة الباطون قال إن رفع سعر الإسمنت سيحد من قدرة الشركات والمواطنين على البناء، ومن النشاط العمراني، وسيؤثر سلبا على عمل الشركات وسيحد من شراء الإسمنت.
المشكلة الأكبر في نظره تكمن في سياسة احتكار السوق، وفي تحديد الكميات المسموح بتوريدها، مجددا تأكيده أن الارتفاع سيدفع ثمنه المواطن بكل الأحوال.
مدير شركة أخرى للباطون -طلب عدم ذكر اسمه- أوضح أن مشكلة كبيرة ستواجه المقاولين الذين وقعنا معهم اتفاقيات لتنفيذ بنايات، "ففي حال رفع سعر الكوب على المقاول سَيلحق به ضرر كبير، لأنه عمل حسابه على الأسعار القديمة، ورفع أسعار كوب الباطون وعدد الأكواب الكبيرة في الإسكانات ستؤثر سلبا على عمل المقاولين، وسترفع أسعار الشقق وأسعار الإسكانات في فلسطين في المرحلة المقبلة".
السبب في "نيشر"
وكعادتها تحاول الجهات المسئولة إيعاد التهمة عنها، وهذا ما فعلته تماما شركة "سند" التي أصدرت بيانا صحفيا قالت فيه إن الزيادة جاءت من المصدر أي شركة "نيشر" الإسرائيلية، التي بررت ذلك بارتفاع تكاليف استيراد المادة الخام "الكلينكر"، وهي المادة الأولية لتصنيع الإسمنت، التي ارتفعت بشكل ملحوظ هذا العام، إضافة إلى ارتفاع تكلفة النقل والموانئ، عوضا عن أن هذه المادة تستورد بالدولار الذي شهد ارتفاعا كبيرا مقابل الشيقل.
وقالت الشركة إنها أبلغت أصحاب مصانع الباطون منذ بداية كانون الثاني الماضي بأن هناك زيادة في بداية آذار، على سعر طن الاسمنت بقيمة 20 شيقلا، غير شامل ضريبة القيمة المضافة، ليأخذ المقاولون حيطتهم.
وكمحاولة لكسب رضا البعض، ستقوم شركة "نيشر" بتوفير 1.8 مليون طن، أي أن النقص في مادة الإسمنت سيكون 1.2 مليون طن، وستقوم الشركة "سند" بتغطية النقص المتوقع من خلال الاستيراد من بعض الدول مثل تركيا والأردن ومصر.


