توقع خبير اقتصادي ألماني خروج فنلندا من العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) وعودتها لعملتها القديمة (الماركا) في المنظور القريب، بتأثير استمرار تردي اقتصادها للعام الثامن، وبتشجيع من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
واعتبر البروفسور هانز فيرنر زن -في مقال كتبه بمجلة ديرفيرتشافت فوخيه الصادرة الاثنين- أن الركود الاقتصادي الخانق الذي تواجهه فنلندا منذ عام 2012، والتراجع الحاد في اقتصادها للعام الثامن، يجعل كثيرا من مواطنيها يتساءلون عن السبب في بقاء بلدهم داخل منطقة اليورو، إذا كان اقتصاده سيتعافى ويقف على قدميه سريعا، إن عاد لعملته القديمة بعد إجراء تخفيض واقعي لقيمتها.
وأرجع زن أسباب الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تعصف بالدولة الإسكندنافية إلى خسارة شركة نوكيا للهواتف المحمولة المستحوذة على ربع ثروات فنلندا لريادتها بالأسواق العالمية، وتخلفها عن ملاحقة التطورات المتلاحقة في مجال الهواتف الذكية، وتراجع صناعة الورق الفنلندية بتأثير ثورة التقنيات الرقمية، والحصار الأوروبي على روسيا الذي أدى لانهيار صادرات فنلندا من المواد الغذائية التي تعد السوق الروسية المستورد الأول لها.
وأوضح الخبير الألماني -الذي شغل لسنوات طويلة منصب مدير معهد إيفو المرموق للتحليل الاقتصادي- أن الملامح الأبرز للأزمة التي تضرب اقتصاد فنلندا هي الارتفاع القياسي في معدلات البطالة، وتراجع إنتاج الصناعات التحويلية حاليا بنسبة 20%. ولفت إلى أن هذا التراجع يقارب نظيره في دول جنوب أوروبا المأزومة (25% في إسبانيا، 24% في اليونان).
وشكك في إمكانية نجاح الحكومة الفنلندية في مواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة من خلال تعديل نظام الأجور، وتقليص عدد القوى العاملة، وخفض أيام العطل وتخفيض مخصصات نظام الرعاية الصحية، وقال إن تدليل أزمة الديون السيادية بدول جنوب أوروبا -على أن مثل هذه الإجراءات تحتاج لسنوات طويلة حتي تحقق نتائجها- يثير توقع عدم صبر الفنلنديين طويلا على هذه الإجراءات.
عجز الحكومة
وأشار العالم الاقتصادي الشهير إلى أن تضافر الإفرازات الصعبة للأوضاع الاقتصادية وعجز الحكومة عن تقديم خطط للحفاظ على السلام الاجتماعي بعد تدفق موجات اللاجئين شجع كثيرا من السياسيين الفنلنديين -بموازاة اختيار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي- على المجاهرة بالدعوة للتخلي عن اليورو والعودة لعملة البلاد القديمة (الماركا).
ورأى زن أن الأزمة الاقتصادية الحالية بفنلندا تذكر بأزمة أشد حدة واجهتها هذه الدولة بين عامي 1991 و1993 واستطاعت تجاوزها بتخفيض عملتها حينذاك (الماركا) بنسبة 30% مقابل المارك الألماني.
وخلص إلى أن تخلى فنلندا عن اليورو سيكون نسبيا بدون خسائر, ولن يكون مؤلما مثلما هو الحال في دول جنوب أوروبا المأزومة مثل إيطاليا واليونان وإسبانيا.
وتواجه التجربة الاقتصادية الفنلندية المتميزة بثلاث ركائز أساسية (الابتكار والحماية الاجتماعية والقدرة التنافسية) عوارض الانهيار بتأثير تداعيات الأزمة الاقتصادية الحالية، وارتفعت بهذه الدولة الإسكندنافية ذات الـ5.5 ملايين نسمة الأصوات المطالبة بالقيام بالسير على خطى بريطانيا ومغادرة الاتحاد الأوروبي ومنطقة عملته الموحدة والعودة للعملة القديمة.
وتقدم حزب الفنلنديين الحقيقيين بمشروع قرار للبرلمان لإجراء استفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي العام القادم بالتزامن مع الاحتفال بمرور مئة عام على الاستقلال عن روسيا القيصرية، وتزعم هذا الحزب وتيارات سياسية أخرى حملة تشكك في قانونية انضمام البلاد للاتحاد عام 1994، وفي مشروعية تحولها بعد ذلك من الماركا لليورو دون موافقة البرلمان أو استفتاء شعبي.