في ثلاث دقائق وواحد وثلاثين ثانية، وبكلمات دغدغت عواطف عوائل الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى كتائب القسام "أمي أمي أنا هنا، لماذا قالوا عني أنني ميت؟، أمي أبي اعملوا كل شيء من أجل أن تظهر الحقيقة"، نقلت كتائب القسام عبر رسالة مرئية تحت عنوان "حكومتكم تكذب" تفكير عائلاتهم من نظرية الموت إلى نظرية الأمل والحياة وأن أبنائهم أحياء وليسوا جثث.
ويمارس الاحتلال الإسرائيلي سياسة التضليل على عوائل جنوده الأسرى في قطاع غزة، عبر إعطائهم معلومات كاذبة أو الإدعاء بالقيام بجهود للإفراج عنهم من أسر كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وهو ما ظهر جلياً خلال جلسة الاستماع التي أقيمت لنتنياهو قبل عدة أيام مع عوائل الجنود الأسرى.
المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر أكد أن توقيت نشر هذه الرسالة لم يأت عبثاً، بل بعد حرب كلامية دارت بين عائلتي الضابط هدار غولدن والجندي الإسرائيلي وشاؤول أرون، الأسرى لدى كتائب القسام، خلال جلسة في الكنيست الإسرائيلي حول مناقشة تقرير مراقب الدولة الذي يبرز إخفاقات الاحتلال خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
ورأى أبو عامر في حديثه لـ"فلسطين الآن" أن القسام أراد من هذه الرسالة أمرين، الأولى لفت انتباه ذوي الجنود وخاصة عائلتي الضابط والجندي الإسرائيلي هدار غولدن وشاؤول أرون، والتي تؤكد بأن الحكومة الإسرائيلية حكومة كاذبة، والثانية تتمثل في طمأنة الأسرى الفلسطينيين بأن قضيتهم ما زالت حاضرة لدى كتائب القسام.
انتشار واسع
وثمن أبو عامر اتباع مثل هذه الأساليب في توصيل الرسائل، قائلاً: "الأسلوب الغنائي يأخذ عادةً يأخذ الطابع الشعبي وهو أقرب ومحبب للجمهور وبالتالي يساعد في انتشاره في كافة قطاعات المجتمع الإسرائيلي ويصبح هناك ضغط شعبي على المستوى الرسمي، على خلاف التصريحات التي عادة ما تأخذ الطابع الرسمي".
وأضاف في حديثه لـ"فلسطين الآن" هناك مؤشرات تم رصدها من بعض المصادر الفلسطينية أن الفيديو تم تداوله بشكل فعال في أوساط المجتمع الإسرائيلي على شبكات التواصل الاجتماعي وقد وصلت الرسالة للجمهور في ظل أن الإعلام العبري الرسمي تجاهلها ولم ينشرها واكتفى ببعض التعليقات عليها وحاول أن يقول بأنها رسالة غير مهمة.
اختراق جدار الصمت الإسرائيلي
كما أوضح أن كتائب القسام استطاعت اختراق جدار الصمت الإسرائيلي، "معتمدة على نظرية مهمة جداً أن جدار الأمن الإسرائيلي أحد أركانه – موقف الجنود القتلى وقلوبهم ومشاعرهم ، والاعتماد على العواطف لفترة طويلة كان خطاً إسرائيلياً كبيراً من حيث لا يعرف مدى تحمله وهو ما تجلى واضحاً قبل أيام من موقف العائلات أمام الكنيست".
وبين أن حكومة الاحتلال استغلت عدم تقديم كتائب القسام أي معلومة عن الجنود الأسرى ببناء حالة من جدار الصمت حول الموضوع، ومنع الإعلام الإسرائيلي من التحدث تحت مقص الرقابة العسكرية وهو ما تفوقت عليه كتائب القسام في شريطها الأخير.
وتوقع أبو عامر أن تتجه عائلات الجنود الأسرى لتجنيد الجمهور الإسرائيلي مع قضيتها بعد هذا الشريط، كما فعلت عائلة جلعاد شاليط، وقد يكون هذا بداية حملات للضغط على الحكومة للتوصل لحل للإفراج عن الجنود والتفاوض مع حركة حماس.
وضع النقاط على الحروف
من جهته اعتبر الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة أن الكليب المصور وضع النقاط على الحروف، "وقد استجابة على الفور والدة الجندي الإسرائيلي الأسير أورون شاؤول وقامت بهدم القبر الرمزي الذي أقاموه لابنها وقالت إن ابني لا يزال على قيد الحياة وأطالب الحكومة باسترجاع ابني".
واعتبر أبو شمالة في حديثه لـ"فلسطين الآن" أن الشريط مثل إحراجاً كبيراً لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو "الذي بات لا يجرأ على قول الحقيقة لأن اعترافه بأن الجنود الإسرائيليين المفقودين أسرى أو أحياء يعني فشل الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية.
تحريك ملف الأسرى
ووافق أبو شمالة الرأي بأن التقرير جاء تزامناً مع جلسة مناقشة الكنيست لتقرير مراقب الدولة مع نتنياهو حول إخفائه المعلومات عن الكابينيت وما حدث من مشادات كلامية مع أهالي الجنود الإسرائيليين الأسرى، والذي مثل حضورهم ضربة سياسية قاسية لنتياهو الأمر الذي نتنياهو للاعتذار اليوم".
وتوقع أن يساهم الفيديو في تحريك ملف الأسرى، "لكن ليس إلى حد صفقة تبادل لأن أي إجراء صفقة تبادل يعني سقوط نتنياهو وإثبات كذب الإعلام الإسرائيلي والقرار السياسي الإسرائيلي وفضح لكل الأكاذيب الإسرائيلية التي تتحدث عن تحقيق الهدوء والانتصار".
