بدقة متناهية يخلط الدكتور فوزي الهندي (٤٤ عاماً) أعشابا طبية ساعدت الكثيرين على مدار سنوات في تلقي العلاج العربي بدلا من العلاج الكيماوي، في صيدلية صغيرة في مدينة البيرة يتوافد عليه العشرات يوميا، تبدو الصيدلية وكأنها مستوصف طبي كبير، فعدد المراجعين في زيادة مستمرة، تبدو وكأنها معركة علاجية يسعى الجميع الفوز بأي نصيحة يعطيها الهندي.
أنهى الهندي دراسة الصيدلة في جامعة النجاح الوطني في نابلس مسقط رأسه، وانتقل بعدها إلى المملكة الأردنية الهاشمية فانهى دراسة الماجستير في التصنيع الدوائي من الجامعة الاردنية، عاد إلى أرض الوطن حيث يحب العيش والعمل، وشكل الأمل للكثيرين ممن فقدوا في العلاج في اكبر المشافي.
"أنا صنعت الكثير من الأدوية الكيميائية، أعرف أن بعضها مفيد جًدا وسريع الشفاء، ولكني تمكنت من استخراج العلاجات من مواد طبيعية موجودة في الطبيعة الفلسطينية، تبقى هذه المواد المركبة طبيعية، وإن لمن تنفع فهي لن تضر"، بهذه الكلمات بدأ الدكتور فوزي حديثه لـ"فلسطين الآن".
عملي أشبه بالمعركة
يتنقل بين معمله البسيط الموجود داخل الصيدلية وطاولته التي يلاقي عليها مرضاه، يطلب فحوصات طبية ولا يمكن أن يعطي وصفة دون هذه الفحوصات، يكشف على المريض، ويعطيه النصيحة، ليقارن بين ما يمكن وصفه وبين ٣٠ نوعا من الأدوية التي تدَخلَ في تركيبها، فهو ملمٌ بالمواد الفعالة الكيماوية ومما استخرجت، فأصبحت وصفاته الطبية دواءً للكثير من الأمراض.
يصف الهندي الساعات العشر التي يقضيها في صيدليته بالمعركة، يبدأها الساعة الثانية ظهراً ولا تنتهي قبل منتصف الليل، الحديث معه أثناء وجود المرضى يعتمد على الحظ، لا تسمع إجابة لسؤالك دائما.
يقول الهندي:" أنا أوفر الدواء بما أعطاني الله من علم، يجب أن استمع جيداً للمريض، خاصة ممن قطعوا مسافات طويلة للوصول إلي، صحيح أن التركيبة العشبية لا تضر، ولكني هدفي منذ البداية أن أساعد المرضى، كل معلومة لها وزنها وفائدتها، أحاول الآن أن اسجل أدوية بوصفة طبية من وزارة الاقتصاد واتحاد الصيادلة حتى أخفف من العبء الذي أعانيه يوميا، السعر قليل، والوصفات ناجحة، يمكن كتابتها كأدوية لتباع في الصيدليات بدلاّ من الوقوف هنا على الدور".
تجارب ناجحة
الوقوف داخل الصيدلية كالواقف على باب المظالم، يأتي المرضى ويشتكون عدم إيجاد علاج، يعالج الهندي الكثير من الأمراض كالصدفية، والأكزيما، وآلام المفاصل والظهر، ويتوافد عليه عدد هائل من النساء اللاتي يعانين من تساقط الشعر.
تقول المعلمة المقدسية نبيلة الحرباوي بأنه لا خوف لديها من المضاعفات لأنها كلها تركيبات طبيعية وتضيف: "أنا سمعت عنه من صديقة لي، أنا أحمل الهوية المقدسية، وحاولت علاج تساقط الشعر عند الكثير من الأطباء الاسرائيليين، ولكني لم أصل إلى أي نتيجة، مررت بمستشفى هداسا كثيرا علني أجد دواءا، ولكن دون جدوى، صديقاتي جربنه ونجحت وصفاته معهن، أنا اليوم هنا لأبدأ هذه التجربة، والمهم أنه لا خوف من المضاعفات، فالتركيبات كلها طبيعية".
إلا أن المصطفين ليسوا جميعا جُدُد، فمالك الشلودي مقدسي أيضا أتاه من بعيد للحصول على علاج أوجاع الظهر التي تعاني منه والدته، يقول:" أنا أخذت علاجا من عنده لأخي، عانى من آلام في الركبة، الوصفة كانت كريمات تدهن مكان الألم، وتغطى بمنديل، وتسخن بسشوار للشعر، وعلى مدار أيام متتالية مع بعض التمرينات الرياضية شفي أخي منها تماما".
ويضيف الشلودي في حديثه لـ"فلسطين الآن": "أما أنا تجربتي كانت بالفطريات، عانيت من انتشارها على ظهري، ومن ثم انتقلت إلى أماكن مختلفة من جسدي، أخذت منه علاجا وشفيت منها تماما، اليوم أتيت هنا لآخذ علاجا لوالدتي، أحضرت صور الأشعة وانتظر الوصفة منه".
ثبات بالوطن رغم الإغراءات المادية
خلال السنوات العشر الماضية مَثَل الدكتور الهندي فلسطين في العديد من المؤتمرات الطبية في فرنسا وبريطانيا والصين، وعرض عليه عرضا ماديا للعمل في بريطانيا ولكنه يفضل البقاء في فلسطين.
ويقول في حديثه لـ"فلسطين الآن" :" أنا تمكنت من خلال التركيبات العشبية ان أقدم علاجاّ للكثير من الفلسطينيين الذين يعانون ارتفاع أسعار الادوية المستوردة وخاصة الاسرائيلية، بعض المرضى وصلت تكلفة العلاج معهم إلى ١٣ ألف شيكل اسرائيلي، قدمت له العلاج بما لا يزيد عن ١٠٠ شيكل، وأنا ربحان أيضا".
ويضيف:" تمكنت من استخراج أدوية تقدم علاجاّ، لا تسكين للمرض، مثل علاج مرض الصدفية، وانا مستعد لخضوع تركيبتي من الروز ماري، الأوملج والقسطل الهندي للتجارب الرسمية، وهذه مواد تعيد تأهيل الخلايا التي تهتكت في جهاز المناعة، على الرغم من أن العلاج في المواد الطبيعية الخالية من المواد الكيماوية لا يحتاج إلى تجارب، ولكني أطالب وزارة الصحة اعتماد هذا العلاج".
ومن الأمثلة على استغلاله للبذور أيضا كانت بذرة الكتان التي تمكن من فصل فائدة قشرتها عن النواة، واستطاع أن يقدم علاجا مستخرجا من كل واحدة.
يسعى الهندي إلى أن يطور عمله بهذه الاعشاب، وأن يُسجل براءة اختراع بالطب الشعبي ضمن محددات وزارة الصحة ووزارة الاقتصاد الوطني، حتى تعتمد كعلاجات دائمة ضمن المعايير المطلوبة.