في الوقت الذي تزداد فيه المخاوف الإسرائيلية من اندلاع مواجهة جديدة مع الفلسطينيين، على غرار سيف القدس 2021، تواصل أجهزة أمن الاحتلال الإعلان بين حين وآخر عن اكتشاف خلية مسلحة خططت لتنفيذ عمليات فدائية، وسواء كانت هذه المزاعم دقيقة أو مبالغا فيها، لكنها تعطي إشارات حول تنامي المخاطر الأمنية في الضفة الغربية تحديدا، لاسيما مع ارتفاع معدلات اعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال ضد الفلسطينيين.
وزعم جيش الاحتلال يفرض سيطرة شبه محكمة على الضفة الغربية، مع تنسيق أمني مع السلطة الفلسطينية، مما يشكل أداة استئصال متلاحقة لقوى المقاومة، لكن ذلك لا يمنعها من القدرة على النفاذ بين حين وآخر من هذه الإجراءات لتنفيذ هجمات.
وذكر الجنرال إلياف إلباز القائد الجديد لكتيبة "بنيامين" وسط الضفة الغربية، أن"الضفة الغربية تشهد حالة من الاستقرار الأمني في السنوات الأخيرة، بدليل قدرتنا على القيام بجولة في المنطقة الواقعة في قلب مدينة رام الله بملابس مدنية، وبدون أسلحة، وبدون أمن، ودون الحاجة لطائرة بدون طيار تحلق في السماء، وهو تحول شهدته رام الله منذ عملية السور الواقي في 2002، قبل عشرين عاما من اليوم، وسط اعتقالات يومية".
ويبدي الإسرائيليون قلقا واضحا، بأن الوضع الأمني السائد في الضفة الغربية، الذي يبدو مسيطرا عليه من قبل "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية، بأنه مرشح للتغير بشكل حتمي، انطلاقا من نظرية "التمساح المقلوب"، رغم ما يدعيه الاحتلال أن ما قد يمنع الفلسطينيين من الذهاب الى مواجهة مفتوحة أنه بات لديهم اليوم ما يخسرونه، ولذلك فهم يترددون.
وتشمل رام الله 32 نقطة ساخنة للاحتكاك بين الفلسطينيين والجيش والمستوطنين، ومخيم قلنديا، الذي يشهد عند كل عملية اعتقال ينفذها الجيش اشتباكات مع الفلسطينيين، ممن يلقون على قوات الجيش الحجارة والقضبان الحديدية.
ودفعت التطورات تدفع الجيش وجهاز الشاباك لتوقع تلك اللحظة التي تندلع فيها المواجهة مع الفلسطينيين، ولا يمكن السيطرة عليها، مع خشية بأن اندلاعها سوف يدمر التنسيق الأمني، الذي يحرص الجيش على عدم الحديث عنه كثيرا.
وخلال ذلك يجري الجيش تمرينات متزايدة استعدادا لأيام قتالية قادمة، لأن الفرضية السائدة أن "إسرائيل" يمكن أن تجد نفسها في تصعيد مجنون في يوم واحد، ولذلك فهي تتجهز ليوم تنقلب فيه الأوعية مرة واحدة، بحيث تتحول مظاهرة شعبية إلى معركة مجنونة بالأسلحة النارية.
وفي الوقت ذاته، ورغم ما تتمتع به رام الله من مجمعات تجارية، ومقاه ليلية، وتجارة، وسياحة، وفنادق، وفروع كنتاكي، وأماكن راقية، لكن هذه مظاهر مخادعة، لأنه في اللحظة التي قد تأتي قوة إسرائيلية لتنفيذ سلسلة اعتقالات، قد ينقلب الوضع كل شيء رأساً على عقب، فالشباب متحمسون، والمنطقة تغمرها الفقاعات، وبالتالي هناك نشاط مستمر خشية تحقق احتمالية الانفجار.