انعكست الأزمة الاقتصادية الحادة في مصر على العديد من السلع الاستراتيجية ومستلزمات إنتاج المواد الغذائية، وامتدت من البن إلى الشاي، وحتى الحبوب والعلف والتوابل، وتأثر مخزون تلك السلع بالقيود التي فرضتها الدولة على الاستيراد، ونقص الدولار في البنوك والأسواق.
وخلال اليومين الماضيين، ضجت وسائل الإعلام والتواصل بشكوى شركة شاي العروسة، أشهر علامة تجارية في البلاد، إلى مجلس الوزراء، ووزير التموين؛ لتدبير الدولار اللازم لعمليات استيراد الشاي لمواجهة الاستهلاك المحلي.
استغاثة الشركة أذكت مخاوف المصريين من نقص مخزون الشاي، المشروب الأكثر شعبية لجميع المصريين، وتضعه الدولة ضمن قائمة السلع التموينية في بطاقات التموين، ويستهلك المصريون نحو 273 مليار ليتر من الشاي والقهوة سنوياً، بأكثر من 7 مليارات جنيه عام 2021، ما يعادل حينها 440 مليون دولار أمريكي.
سبق تلك الاستغاثة من إحدى كبريات صناعة الشاي في البلاد نقص مخزون البن، إلى جانب ارتفاع أسعاره نتيجة تأخر إجراءات الموانئ المصرية، وعدم خروج البضائع منها من ناحية، ونقص الإنتاج العالمي من المحصول في بعض الدول مثل البرازيل من ناحية أخرى، وفق شعبة البن بالغرفة التجارية بالقاهرة.
تكدس السلع في الموانئ
إلا أن عضو شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية، أحمد شيحة، أكد أن "الأزمة قد تمتد إلى ما هو أهم من الشاي والبن، مثل بعض السلع الغذائية الاستراتيجية، ومستلزمات الإنتاج الضرورية للمصانع والشركات.
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" "أن شكوى شركة الشاي لا تخصها وحدها، إنما كانت هناك شكاوى كثيرة من المستوردين من تأخير البضائع والإفراج عنها، إلى جانب المواد الخام وقطع الغيار والسلع الوسيطة التي تدخل في العديد من الصناعات، مثل اللبن المجفف الذي يدخل في العديد من الصناعات، ومحسنات ومكسبات اللون، وغيرها".
وأشاد بقرار وزارة المالية مؤخرا، وقال: "من الجيد أن تتدارك الدولة الأزمة، وتعمل على حلها؛ من خلال تخفيف القيود على البضائع والسلع المستوردة، ومنع تكدسها في الموانئ، هناك انفراجة قريبة منذ بداية الأسبوع المقبل سوف تسهم في توفير مخزون جيد من السلع".
إجراءات حكومية لتلافي الاحتقان
وأقرت وزارة المالية، الثلاثاء، حزمة إجراءات استثنائية لتيسير الإفراج عن الواردات، وتخفيف الأعباء عن المستثمرين والمستوردين، ويُسهم في خفض أعباء الأرضيات والغرامات خلال الأيام المقبلة، ومن ثم تقليل تكاليف السلع على المواطنين.
وأوضحت الوزارة، في بيان، أنه سيتم خلال الأيام القليلة المقبلة الإفراج عن أي شحنات أنهت الإجراءات الجمركية، وتنتظر نموذج تمويل الواردات "نموذج 4" بالتنسيق مع البنك المركزي، ووزارة التجارة والصناعة، إلى جانب وقف تحصيل الغرامات الجمركية من المستثمرين والمستوردين المتأخرين في إنهاء الإجراءات الجمركية بسبب المستندات المطلوب استيفاؤها من الجهات ذات الصلة.
انعكاس لأزمات في سلع أخرى
وتعد أزمة الشاي والبن انعكاسا لأزمات أخرى حادة في العديد من السلع، بحسب تجار جملة تحدثوا إلى "عربي21"، من بينها الحبوب والبقوليات مثل الفول والعدس والبهارات، حتى وصل سعر كيلو "الحبهان" إلى 1000 جنيه (52 دولارا)، إلى جانب الفلفل الأسود والأجبان المستوردة.
وقال سيد عادل بأحد الأسواق الكبيرة لـ"عربي21": "هناك مخاوف في السوق من نقص بعض السلع الاستراتيجية، ونحصل عليها بسعر مرتفع؛ تحسبا لنقص المخزون، وحتى الآن لا تشهد الأسوق أي نقص في معظم السلع، ولكن هناك غلاء كبير واقع على التاجر والبائع والمستهلك".
وشدد تاجر آخر في حديثه لـ"عربي21" على "غياب دور الرقابة في ارتفاع أسعار جميع السلع بلا استثناء، خاصة الزيوت والألبان المجففة والسمك المعلب والأجبان المستوردة من الخارج مثل الفلمنك والشيدر والموتزريلا، وغيرها من أنواع اللحوم المجففة والمعلبة".
وأشار إلى أن "بعض السلع تجاوزت نسبة الزيادة في الأسعار فيها 50% خلال الشهور القليلة الماضية، والبعض الآخر وصل إلى أكثر من 70%، ما جعل البعض يحجم عن شراء بعض السلع أو اللحوم إلى الأنواع الأقل سعرا وأقل جودة، خاصة مع بدء موسم الدراسة".