عرض موقع "سيحا مكوميت" العبري في مقال مطول شهادات لجنود في جيش الاحتلال الإسرائيلي، يكشفون عن نية مسبقة لدى الاحتلال بممارسة إبادة جماعية في قطاع غزة، مؤكدين أن الأوامر الصادرة كانت تسمح بإطلاق النار بشكل عشوائي وإحراق المنازل الفلسطينية.
وبحسب ما نقله الموقع عن ستة جنود قاتلوا في غزة خلال هذه الحرب، فإن الأوامر اعتبرت كل رجل يتراوح عمره بين 16 و50 سنة مقاوماً فلسطينياً ومطلوباً للاحتلال، ما يعني السماح بإطلاق النار على أي شخص يقترب من القوات، وحتى للتسلية فقط، دون هدف محدد.
وأكد الجنود عدم وجود قيود حقيقية على إطلاق النار، وأنه كان يتم بشكل عشوائي وبدون أهداف محددة.
وأوضح أحد الجنود: "لقد سُمح بإطلاق النار على الجميع"، مشيرًا إلى أن إطلاق النار على المدنيين الذين يدخلون مناطق محظورة أو يقتربون من الجنود كان أمرًا معتادًا.
وأشار أحد الجنود إلى أن الجيش قام بـ"تطهير" المنطقة من جثث الشهداء الفلسطينيين قبيل دخول القوافل الإنسانية التابعة لمنظمات الإغاثة الدولية. كما وصف اثنان من الجنود السياسة المنهجية المتمثلة في حرق منازل الفلسطينيين بعد مغادرة الجنود لها. هذه الشهادات تعكس صورة قاتمة لسياسات الاحتلال الإسرائيلي في غزة وتطرح تساؤلات جدية حول انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم المحتملة التي ارتكبت خلال هذه الحرب.
حادثة الشجاعية
في السياق نفسه، كشف أحد الجنود عن حادثة أُخرى تفيد بأن الجنود أطلقوا النار وقتلوا ثلاثة أسرى إسرائيليين في حي الشجاعية في كانون الأول، على الرغم من أنهم رفعوا العلم الأبيض ولم يشكلوا تهديدًا للقوات. وعلى الرغم من حديث الجيش عن فتح تحقيق ومراجعة التعليمات بعد الحادثة، فإن تعليمات إطلاق النار لم تتغير.
وأوضح الجندي قائلاً: "فيما يتعلق بالأسرى، لم تكن لدينا توجيهات محددة. بعد إطلاق النار على الأسرى، قال الجيش إنه سيتم إطلاعنا على تعليمات جديدة، ولكن لم يتحدثوا إلينا". وأشار إلى أنه وزملاءه لم يسمعوا عن إطلاق النار على الأسرى إلا بعد أسبوعين ونصف من الحادثة، بعد مغادرتهم القطاع. وأضاف: "كانوا يقولون إنهم هنا من أجل الأسرى، ولكن من الواضح أن الحرب تؤلم الأسرى، وهذا ما فكرت به اليوم وتبين أنه صحيح".
إطلاق النار العشوائي
في العديد من الوثائق التي خرجت من القطاع وصورها الجنود، يظهر الجنود يطلقون النار، على ما يبدو، من دون سبب عملياتي أو هدف محدد. قال جندي احتياط دخل إلى شمال قطاع غزة عشرات المرات: "يطلقون النار كثيرًا، حتى بدون سبب.
أي شخص يريد إطلاق النار، مهما كان السبب، يطلق النار، ثم يبلغ عن أن الأمر طبيعي". وتابع الجندي: "إن إطلاق النار العشوائي هذا يأتي من الأعلى والأسفل: سفن البحرية، الدبابات، الطائرات، وأيضًا الأسلحة الصغيرة بشكل رئيسي. أنا شخصيًا صعدت إلى الموقع وأطلقت بضع رصاصات على البحر أو على مبنى مهجور، ويقال 'أنا أشعر بالملل فأطلق النار".
وأوضح جندي آخر أن حالة إطلاق النار "شبه مجانية"، حيث لم تكن هناك قيود على الذخيرة، كانوا يطلقون النار بحرية، وأطلق الناس النار فقط للتخفيف من الملل. وأشار إلى أنه في أحد الأيام خلال عيد الأنوار اليهودي، أرادوا القيام بعمل خاص، فأطلقت الكتيبة بأكملها معًا مثل الألعاب النارية، وأطلقوا النار لإضاءة السماء، لأنه عيد الأنوار! وقال الجندي إنه وبعد ساعة أطلقوا النار على عائلة كانت تتجول هناك. وسمع ذلك عبر الهاتف. في البداية يقولون "أربعة أشخاص"، يصبحون طفلين وشخصين بالغين آخرين، وفي النهاية شخص بالغ، زوجة وطفلين، عائلة بأكملها قتلت في "الاحتفال بالعيد اليهودي".
وبحسب الموقع، تُظهر العديد من الوثائق جنودًا يقفون بجانب المنازل التي تشتعل فيها النيران بعد مغادرتهم.
سياسة إحراق المنازل
وفقًا لشهادات جنديين تمت مقابلتهما خلال إعداد المقال، كان إحراق المنازل سياسة متبعة في جيش الاحتلال خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة. وأوضح أحد الجنود تجربته في مدينة غزة قائلاً: "عندما نترك أحد المنازل، نجمع المعدات العسكرية ثم نحرق المنزل". في خانيونس، كان الحرق منظمًا بشكل أكبر. وصف جندي آخر القرار قائلاً: "إذا انتقلت، فعليك أن تحرق المنزل". وأكد أن هذا كان يتم في وسط خانيونس، مشيرًا إلى أن المنازل نفسها لم تكن أهدافًا عسكرية مستهدفة.
وقال: "نحن لسنا في المنازل لأنها منازل تابعة لحماس، ولكن لأنها تستخدمنا عمليًا. هذا منزل لعائلتين أو ثلاث، وتدميره يعني أنهم سيصبحون بلا مأوى".
وأكد جندي آخر، خدم كجندي منتظم في قطاع غزة، أن هذا كان أمراً روتينياً: بعد مغادرة الجنود للمنزل، حيث يحرقون كل منزل. وأشار إلى أن هذه السياسة تُدعم على مستوى القيادة، حتى لا يتمكن الفلسطينيون من العودة. هذه الشهادات تسلط الضوء على السياسات التدميرية التي تُتبع في العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وتكشف جوانب من الانتهاكات التي قد ترتقي إلى مستوى جرائم الحرب. من الواضح أن الهدف كان إلحاق أكبر قدر من الضرر بالمدنيين والبنية التحتية الفلسطينية، بما في ذلك إحراق المنازل لترك السكان بلا مأوى ومنعهم من العودة إلى مناطقهم.