أطلقت الشرطة الفيدرالية الكندية تحقيقاً جنائياً غير مسبوق بحق عدد من الجنود الذين يحملون الجنسيتين الكندية والإسرائيلية، على خلفية شبهات بارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال مشاركتهم في عدوان الاحتلال على قطاع غزة.
وكشفت صحيفة تورونتو ستار الكندية عن أن شرطة الخيالة الملكية الكندية بدأت بالفعل هذا التحقيق منذ عام 2024، وظل طي الكتمان حتى الأسابيع الأخيرة، ويُعدّ الأول من نوعه الذي يستهدف أفراداً كنديين خدموا في جيش الاحتلال، سواء في الخدمة النظامية أو الاحتياط، خلال الهجوم على غزة.
ويأتي هذا التحقيق في إطار "التحقيقات الهيكلية"، وهو تصنيف يُطلق على الملفات المرتبطة بجرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ضمن برنامج الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب الكندي، الذي تشرف عليه جهات حكومية من بينها وزارة العدل، ووكالة خدمات الحدود، وهيئة الهجرة والمواطنة.
وأفادت المصادر بأن التحقيق قد يشمل جمع أدلة، وتبادل معلومات مع هيئات دولية، وإمكانية توجيه لوائح اتهام داخل كندا، الأمر الذي أثار قلقاً واسعاً في أوساط الجاليتين اليهودية والإسرائيلية في البلاد.
ويشمل التحقيق فئة تُعرف بـ"الجنود الوحيدين"، وهم من غير الإسرائيليين الذين تطوعوا للخدمة العسكرية، إلى جانب كنديين من أصول إسرائيلية عادوا إلى دولة الاحتلال للمشاركة في الحرب.
وقالت الشرطة الفيدرالية إن هدف البرنامج يتمثل في التأكيد على التزام كندا بالعدالة الدولية، ورفض الإفلات من العقاب على جرائم الإبادة وجرائم الحرب، بما في ذلك محاكمة المتهمين داخل الأراضي الكندية أو التعاون القضائي الدولي بشأنهم.
وبحسب الصحيفة، فإن التحقيق قد يمتد ليشمل فلسطينيين أعيد توطينهم في كندا، لكن التركيز الأساسي ينصب على الجنود الكنديين الذين قاتلوا في صفوف جيش الاحتلال.
يُذكر أن بعض المحامين بدأوا التحرك القانوني لحماية من تشملهم الشبهات، وسط تزايد التحذيرات من إمكانية إصدار مذكرات توقيف أو استدعاءات قضائية بحقهم. وقد عبّر بعض أعضاء الجالية الإسرائيلية في كندا عن مخاوف من "انفجار وشيك"، في وقت تتداول فيه مجموعات خاصة على تطبيقات المراسلة رسائل تحذر من "وضع خطير للغاية" يهدد مستقبل مزدوجي الجنسية الذين خدموا في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
هذا التحقيق يشكّل تطوراً بالغ الأهمية في مسار ملاحقة مجرمي الحرب، ويؤشر إلى تحول في مواقف بعض الدول الغربية تجاه انتهاكات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، لاسيما في ظل العدوان المتواصل على قطاع غزة منذ أشهر.