داخل تقرير صحفي لمجلة التايمز البريطانية نهاية الأسبوع الماضي، هناك تساؤل عن مصير الجندي الإسرائيلي هدار غولدين، والذي صدرت تقارير بتعرضه للأسر على أيدي مقاتلي حركة حماس في جنوب قطاع غزة، ومن ثمّ أعلن عن وفاته. تقرير التايمز قال ما يلي: "ظلت الظروف المحيطة بوفاة غولدين غائمة. رفضت متحدثة باسم الجيش القول ما إذا كان هذا الجندي قد قُتل مع اثنين من رفاقه في تفجير انتحاري قام به أحد مسلحي "الميليشيات"، أو لاحقًا، في الهجوم الإسرائيلي على المنطقة التي اختفى فيها. المتحدثة رفضت الإجابة أيضًا عما إذا كان قد تم استرداد رفات غولدين". غموض مصير غولدين يثير التساؤلات من جديد حول تكتيكات إسرائيل العسكرية عندما يشتبه بأن أحد جنودها قد تعرض للأسر على أيدي الفلسطينيين. ثمن الجندي الأسير الواحد مرتفع جدًّا في سوق عمليات تبادل الأسرى بين الحركات المقاومة في غزة وإسرائيل، وهو ما تثبته الكثير من عمليات التبادل التي جرت في الماضي. احتمال أنّ "إسرائيل تقوم بتصفية جنودها المختطفين لم يغبْ عن بال المراقبين عند دراستهم لقضية غولدين، وخاصةً في ظل وجود سبب لقيام تل أبيب بهذا؛ وهو منع وضع مسؤوليها لاحقًا في حرج أخلاقي لقيامهم بمفاوضات تبادل الأسرى مع مَن تصفهم إسرائيل بـ "المنظمات الإرهابية"، وكذلك منع تورطها في الإفراج عن مئات من المساجين الفلسطينيين بمقابل كلّ جندي مختطف. أن يقال بأن الجندي الإسرائيلي قتل في ساحة المعركة، يبدو حلًّا لا بأس به لتل أبيب من الناحية التكتيكية". ولكن، وفي حقيقة الأمر، لم يعد سرًّا، بعد عام 2003، أن "إسرائيل" تعتمد التكتيك العسكري المسمى بـ "هانيبال"، ويتضمن الهجوم العسكري الشرس من قبلها على المناطق التي يختفي أو يقتل فيها أحد جنودها، فور حدوث عملية الخطف أو القتل. وهذا بالفعل ما حدث في جنوب غزة يوم الجمعة. تقول الرواية بأنه، وبعد أن دخل وقف إطلاق النار المؤقت حيز التنفيذ في الساعة الثامنة من صباح يوم الجمعة، توجه جنود من قوات الدفاع الإسرائيلي إلى أحد المنازل في مدينة رفح، على الحدود مع مصر. هنا خرج لهم مقاتلو حماس من أحد الأنفاق وفتحوا عليهم النار. قتل جنديين، والثالث، وهو غولدن، اعتقل سواء حيًّا أو ميتًا، وسحب في النفق. ما هو واضح هو أنه بعد أن أفيد بأن غولدن أصبح من المفقودين، قام الجيش الإسرائيلي بشن هجوم "هانيبال" المثير للجدل، وأطلق النار على المنطقة التي كان فيها غولدن، فيما يعتقد بأنه كان محاولة لمنع حماس من أخذه أسيرًا. نتيجةً لذلك، قُتل سبعون من الفلسطينيين. وبحلول يوم الأحد، أُعلن عن وفاة غولدن أيضًا. هذا البروتوكول العسكري، وكما ذكرنا سابقًا، ظلّ سريًّا حتى عام 2003، ومن ثمّ أصبح معروفًا للعلن باسم “هانيبال”. هذه التسمية تحمل الكثير من الدلائل؛ لأن هانيبال، وكان جنرالًا في قرطاجة، اختار تسميم نفسه بدلًا من الوقوع كأسير بأيدي الرومان. ولكن، يصر الجيش الإسرائيلي على أن جهاز الكمبيوتر هو من لختار هذا الاسم عشوائيًّا. وبدأ استخدام هذا التكتيك العسكري بعد عام 1986، وذلك في أعقاب أسر جنديين إسرائيليين من قبل حزب الله في لبنان. أكد ثلاثة من كبار قادة قوات الدفاع الإسرائيلية في حينها على أنه يجب وضع بروتوكول يحدد الخطوات التي يتبعها الجيش في حال "اختطاف" أحد جنوده. الهدف المعلن لهذا التكتيك هو "منع القوات الإسرائيلية من الوقوع في أيدي العدو، حتى ولو على حساب إيذاء أو جرح أحد جنودها. وبينما يحرص الجيش الإسرائيلي على توصية جنوده بالامتناع عن إطلاق النار اتجاه زملائهم، بما في ذلك مهاجمة سيارة المختطف؛ ما تزال توجيهات “هانيبال” تقول لهؤلاء الجنود إنه “يجب القيام بكلّ شيء ممكن لوقف هذه السيارة، ومنعها من الهرب".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.